وأسر من أسر منهم، فبينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على مائهم، نشب النزاع بين رجل من الأنصار ورجل من المهاجرين، فصرخ الأنصاري فقال: يا معشر الأنصار، وصرخ الآخر وقال: يا معشر المهاجرين، فلما سمعها النبي، قال: دعوها فإنها منتنة...
يعني أنها كلمة خبيثة، لأنها من دعوى الجاهلية والله سبحانه جعل المؤمنين إخوة وصيرهم حزبا واحدا، فينبغي أن تكون الدعوة في كل مكان وزمان لصالح الإسلام والمسلمين عامة لا لصالح قوم ضد الآخرين، فمن دعا في الإسلام بدعوى الجاهلية يعزر. (1) فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يصف كل دعوة تشق عصا المسلمين وتمزق وحدتهم بأنها دعوة منتنة، فكيف لا تكون كذلك وهي توجب انهدام دعامة الكيان الإسلامي وبالتالي انقضاض صرح الإسلام.
2 - نزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم دار هجرته والتف حوله قبيلتا: الأوس والخزرج، فمر شاس بن قيس اليهودي، وكان شيخا قد عسا، عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين، شديد الحسد لهم - على نفر من أصحاب رسول الله من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من ألفتهم، وجماعتهم، وصلاح ذات بينهم على الإسلام، بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية. فقال: قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد، لا والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم من قرار، فأمر فتى شابا من يهود كان معهم فقال: إعمد إليهم، فاجلس معهم، ثم اذكر يوم " بعاث "... وكان يوم بعاث يوما اقتتلت فيه الأوس و الخزرج، وكان الظفر فيه يومئذ للأوس على الخزرج، وكان على الأوس يومئذ حضير بن سماك الأشهري وعلى الخزرج عمرو بن النعمان البياضي فقتلا جميعا.