في أطراف المسألة حتى لا يختلط عليك الأمر، هذا كله لو حصل العلم في الوقت، سواء علم بعد الفراغ من الصلاة. أو في أثنائها، على التفصيل المتقدم.
وأما لو علم في خارج الوقت. فالأصول النافية والمثبتة في جميع الأطراف متعارضة، ولم يكن هناك أصل مثبت التكليف غير معارض فلا بد له حينئذ من الأخذ بالاحتياط، والعمل بأطراف العلم الاجمالي من قضاء الصلاة وقضاء السجدة أو السجدتين، مع سجود السهو. إذ قاعدة الشك بعد الوقت المقتضية لعدم القضاء مع أصالة البراءة عن القضاء يتعارضان مع أصالة البراءة عن قضاء السجدة، لأنه لا فرق في تعارض الأصول بين أن يكون في كل طرف أصل واحد، أو يكون في بعض الأطراف أصول متعددة متوافقة في المؤدى، فإن الأصل الواحد يعارض ألف أصل من التوافق في المؤدى، وعلى تقدير تسليم المنع عن ذلك نقول:
إن أصالة البراءة عن وجوب القضاء معارض بأصالة البراءة عن قضاء السجدة، وحينئذ يبقى في قضاء الصلاة قاعدة الشك في الوقت المقتضية لعدم القضاء، ولكن مجرد بقاء ذلك لا ينفع في انحلال العلم، لأن العلم لا ينحل إلا بأصل مثبت للتكليف يحتمل انطباق المعلوم بالاجمال عليه. وأما مجرد ثبوت أصل ناف للتكليف غير معارض بمثله لا ينفع في انحلال العلم، كما أوضحنا في محله.
وبذلك يندفع ما ربما يتوهم في المسألة السابقة وهي ما إذا كان الشك في الوقت من أنه بعد تعارض الأصول يرجع إلى أصالة صحة الصلاة السليمة من المعارض. وربما حكي عن بعض الميل إلى ذلك. ولكن فيه (أولا) أنه لا نعقل معنى لأصالة الصحة في الصلاة سوى قاعدة التجاوز والفراغ.
(وثانيا) أنها على تقدير كونها أصلا على حدة فغايته أنه بالنسبة إلى فوات الركن يتحقق أصلان يقتضيان عدم فواته، من قاعدة التجاوز والفراغ، ومن أصالة الصحة، وهما يعارضان قاعدة التجاوز في غير الركن.