فوقوع جزء من أجزاء الصلاة إلى غير القبلة موجب للبطلان لفوات الشرط، بل لولا قيام الدليل على عدم بطلان الصلاة إلى ما بين اليمين واليسار إذا كان ذلك عن عذر من اجتهاد أو نسيان، لكان اللازم القول بالبطلان مطلقا حتى في صورة العذر، قضية للشرطية، وهذا بخلاف قاطعية الالتفات فإنه إنما اعتبر قاطعا في خصوص الأكوان الصلاتي.
ومن هنا قلنا باستحالة جعل شرطية الشئ مع مانعية عدمه للزوم اللغوية في الجمع بالجعل فلا بد من جعل أحدهما بخلاف جعل شرطية شئ وقاطعية عدمه، لاختلاف محل الشرط والقاطع، حيث إن الأول اعتبر بالنسبة إلى الأجزاء، والثاني اعتبر بالنسبة إلى الأكوان، ومن هنا صار قاطعا ولو في حال السكونات وعدم الاشتغال بالأجزاء، وحينئذ فيمكن أن يكون الالتفات عمدا إلى ما دون الخلف غير قاطع وغير مبطل للصلاة، وأدلة شرطية القبلة لا تفي بالبطلان إذا كان الالتفات في حال السكونات، وكلامنا في قاطعية الالتفات إنما هو في ذلك الحال لا في حال الاشتغال بالأجزاء إذ لا كلام في البطلان في ذلك الحال، لمكان فوات شرط القبلة.
فتحصل أن مقتضى الجمع بين الأدلة هو قاطعية الالتفات إلى الخلف عمدا وسهوا، وعدم قاطعية الالتفات إلى ما دون ذلك كذلك عمدا وسهوا بكل البدن فضلا عن خصوص الوجه، هذا. ولكن الذي يقتضيه صحيح النظر عدم تلك فإن ما ذكرناه مبني على ثبوت المفهوم لصحيحة البزنطي (1)، حيث خص البطلان فيها بالالتفات إلى الخلف، ومقتضى المفهوم عدم البطلان إذا لم يكن الالتفات إلى الخلف، وهو أخص مطلقا مما دل على البطلان في مطلق الالتفات.