تعلق الأمر بكل منه ومن الأكثر بعد امتناع الأخذ بظاهره من الوجوب التعييني من باب التخيير بين الأقل والأكثر، ولا يصح حمل الأمر المتعلق بالأكثر على الاستحباب. وإن كان الأقل في حد نفسه معتبرا على نحو اللابشرطية كان الأمر المتعلق بالأكثر بعد امتناع حمله على ظاهره من الوجوب العيني محمولا على الاستحباب ليس إلا.
مثال الأول: ما إذا ورد أمر بصلاة القصر وأمر آخر بصلاة التمام فإنه بعد امتناع الأخذ بظاهر الأمرين من الوجوب العيني لا بد من حمل الأمر على الوجوب التخييري لأن صلاة القصر مع قطع النظر عن هذين الأمرين إنما اعتبرت بشرط لا وكانت الزيادة مبطلة، ومن هنا قلنا إن القصر والاتمام حقيقتان متباينتان، فحينئذ حمل الأمر المتعلق بالأكثر على الاستحباب يقتضي إلقاء البشرط اللائية عن صلاة القصر وجعلها لا بشرط.
وبعبارة أخرى حمل الأمر على الاستحباب يقتضي تصرفا زائدة عن حمله على الوجوب التخييري لأنه يستدعي أولا جعل صلاة القصر لا بشرط وإخراجها عن حقيقتها، ثم حمل الأمر المتعلق بالأكثر على الاستحباب وطرح ظاهره من الوجوب. وهذا بخلاف ما إذا حملنا الأمر على التخيير، فإنه لا يستدعي إلا حمل الأمر على خلاف ظاهره من الوجوب العيني مع بقاء صلاة القصر على حقيقتها، فلا بد من العمل على ما يستدعي قلة التصرف.
ومثال الثاني: ما نحن فيه فإنه مع قطع النظر عن تعلق الأمر بكل من التسبيح الأربع والاثني عشر كان التسبيح الأربع معتبرا لا بشرط ولم يعتبر في حقيقته بشرط لا بأن يكون التسبيح الأربع مع الاثني عشر مباينا بالهوية كمباينة القصر للتمام، وبعد تعلق الأمر بكل منهما لا يصلح، إلا حمل الأمر المتعلق بالأكثر على الاستحباب لأن حمله على الوجوب التخييري يوجب زيادة تصرف، لأنه يقتضي