وقد ضرب هؤلاء لنا المثل الاعلى في الصمود والجهاد من أجل المبدأ والعقيدة، مع معرفتهم بأنهم لا يملكون قوة تستطيع أن ترد عنهم، غير إرادة الله تعالى، وأنهم إنما يتحدون بإسلامهم العالم كله، الذي كان بكل ما فيه ضدهم. وهنا تكمن عظمتهم، وهذا هو سر امتيازهم على غيرهم.
المعذبون الذين أعتقهم أبو بكر:
وممن عذب في سبيل الله بلال الحبشي، وعامر بن فهيرة، ويقولون: إن أبا بكر قد اشتراهما وأعتقهما، فكانت نجاتهما من العذاب بسببه.
ولكنا نشك في أن يكون أبو بكر هو الذي اشتراهما، وذلك:
أولا: لما ذكره الإسكافي، الذي قال: " أما بلال، وعامر بن فهيرة، فإنما أعتقهما رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم "، روى ذلك الواقدي، وابن إسحاق (1) ".
وعد ابن شهرآشوب بلالا من موالي النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " (2).
وثانيا: إنهم يروون روايات متناقضة في هذا المجال، حتى لا تكاد تلتقي رواية مع أخرى، ويكفي أن نذكر اختلافها في الثمن الذي أعطاه أبو بكر.
فرواية تقول: إنه أعطى ثمنه غلاما له أجلد منه.