فضيلته الأخرى - كعادتهم - فاستولوا عليها، ونسبوها إلى غيره - وعظموا من شأن أبي بكر في الغار - كما سيأتي حين الكلام على الهجرة إن شاء الله تعالى. بل إنهم لم يرضوا إلا أن تكون فضيلة عمر على لسان علي نفسه، كما عودونا في مناسبات كهذه، فإن ذلك أوقع في النفس، وأبعد عن الشبهة، وأدعى إلى القبول.
ولكن الله تعالى يقول: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) (1). وهكذا كان.
ماذا عن الهجرة إلى المدينة؟
لقد أمر رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " أصحابه بالهجرة إلى المدينة، تمهيدا لخروجه هو " صلى الله عليه وآله وسلم " إليها أيضا، وقال لهم: إن الله عز وجل قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها، فهاجر إليها المسلمون، بعضهم سرا، وبعضهم علانية، مضحين بوطنهم، وبعلاقاتهم، وكثير منهم بثرواتهم، ومكانتهم الاجتماعية وكل شئ، في سبيل دينهم، وعقيدتهم.
وهذا معناه: أن الدين والعقيدة فوق وأغلى من كل شئ؟ فالوطن، والمال، والجاه، وكل شئ لا قيمة له، إذا كان الدين مهددا بالخطر؟ لان الحفاظ على الدين الصحيح، معناه الحفاظ على الوطن والمال وكل شئ، وبدونه يكون كل شئ في معرض الزوال، إن لم يكن عبئا، أو فقل: خطرا يتهدد هذا الانسان في كثير من الظروف والأحوال.
قريش والهجرة:
وقد قدمنا بعض الكلام حول الهجرة، وموقف قريش منها حين