عليه وآله وسلم " (1).
ولنا هنا وقفات، فلنقف أولا مع:
دعوة سعد بن معاذ قومه:
إن الدعوة إلى الله ليست مختصة بالأنبياء والأوصياء بل هي شاملة لكل مكلف بحسب ما يملك من طاقات وقدرات. وهي من الأمور التي يلزم بها العقل الفطري السليم، ويوجبها على كل إنسان، ولا تحتاج إلى جعل شرعي؟ فإن العقل يدرك أن في ارتكاب المنكرات، وترك الواجبات، والانحراف في الفكر والعقيدة والسلوك ضررا جسيما على المجتمعات وعلى الأجيال ولذلك فهو يحكم بلزوم الدعوة إلى الالتزام بالخط الفكري الصحيح، وترك المنكر، وفعل المعروف.
وهذا هو - بالذات - ما يفسر لنا اندفاع سعد بن معاذ في الدعوة إلى الله تعالى، حتى أنه على استعداد لقطع كل علاقة مع قومه إذا كانوا ضالين منحرفين.
وان عظمة هذا الموقف لتتضح أكثر إذا عرفنا مدى ارتباط سعادة ومصير الانسان العربي في تلك الفترة بقبيلته ومدى ارتباطه بها فهو حين يضحي بعلاقاته القبلية، فإنه يكون قد ضحى بأمر عظيم وأساسي في حياته وفي مصيره، ومستقبله، في سبيل دينه.
وقد جاء القرآن مؤيدا لحكم العقل والفطرة هذا؟ ففرض على كل من كان له بصيرة في أمر الدين ان يدعو إلى الله قال تعالى: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) (2).