وغيرها للمجتمع، ليقتلع كل جذور الشر، ويستأصل كل عوامل الانحراف؟ ليغرس عوضا عنها كل معاني الخير والصلاح، والبركة وا لفلاح.
نعم، إنها مهمة شاقة وعسيرة جدا، ولا أشق ولا أعسر منها، وهي تحتاج لانجازها ثم إلى استمرارها إلى جهد هائل ومستمر، ما دام أن الانسان يحمل في داخله عوامل التغيير والتحول، التي منحه الله إياها لتكون عوامل لبقائه وسعادته ولراحته، وأعطاه أيضا وسائل ضبطها والهيمنة عليها وتوجيهها.
ولكن تلك الوسائل كثيرا ما تضعف عن السيطرة على تلك العوامل. ولسوف يبقى هذا الخطر قائما، ما دام ذلك الصراع قائما. وإذا كان الصراع مستمرا باستمرار وجود الانسان على مدى الزمان، وكان خطر الشذوذ والانحراف مستمرا أيضا: فإن الأنبياء سيكونون بحاجة إلى مواصلة القيام بمهمة التربية والتزكية، وغرس الفضائل الانسانية والأخلاقية في نفوس الناس، بالإضافة إلى الاستمرار في تلاوة الآيات القاهرة للعقل؟ والمرضية للوجدان، وبالإضافة إلى تعليم الشريعة والاحكام، ثم الاشراف على تطبيقها، والرقابة المستمرة على ذلك.
ومن هنا تبرز الحاجة إلى الوزير والوصي، والنصير والأخ والولي، والخليفة للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم "، فجاء تنصيب علي " عليه السلام " من قبل الرسول الأكرم صلوات الله عليه وآله هو الحركة السليمة والطبيعية في خط الجهاد والدعوة إلى الله سبحانه.
وما يوم الدار، وما جرى من تنصيب علي " عليه السلام " فيه خليفة ووزيرا ووصيا للرسول إلا واحدا من تلك المناسبات الكثيرة التي جرى فيها التأكيد على هذا الامر، وترسيخه بصورة قوية وحاسمة. فإلى حديث الدار في ما يلي من مطالب.