وعلى كل حال، فقد خرج " صلى الله عليه وآله وسلم " من ذلك الاجتماع بوعد أكيد من شيخ الأبطح، أبي طالب (ره) بالنصر والعون؟
فإنه لما رأى موقف أبي لهب اللا إنساني، واللا معقول، قال له:
" يا عورة، والله لننصرنه، ثم لنعيننه. يا ابن أخي، إذا أردت أن تدعو إلى ربك فاعلمنا، حتى نخرج معك بالسلاح (1) ".
د - علي " عليه السلام " في يوم الانذار:
ونجد في يوم الانذار: أن اختيار النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " يقع على أمير المؤمنين " عليه السلام "، ليكون المضيف لجماعة يناهز عددها الأربعين رجلا، فيأمره بأن يصنع طعاما، ويدعوهم إليه والظاهر:
أن ذلك قد كان في بيت النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " نفسه، لان عليا " عليه السلام " كان عند رسول الله صلوات الله عليه وآله في بيته على ما يظهر - وقد كان بإمكانه " صلى الله عليه وآله وسلم " أن يطلب من خديجة أن تصنع لهم الطعام. هذا، مع وجود آخرين، أكثر وجاهة ومعروفية من علي " عليه السلام "، كابي طالب، وكجعفر، الذي كان يكبر عليا في العمر، وغيرهما ممن يمكن أن يستفيد من نفوذه وشخصيته في التأثير على الحاضرين.
ولكنه قد اختار عليا بالذات ليتفادى أي إحراج يبعد القضية عن مجالها الطبيعي، الذي يرتكز على القناعة الفكرية والوجدانية بالدرجة الأولى، ولان عليا - وإن كان حينئذ صغير السن، إلا أنه كان في الواقع كبيرا في عقله، وفي فضائله وملكاته، كبيرا في روحه ونفسه، كبيرا في آماله وأهدافه. - ولا أدل على ذلك من كونه هو المجيب للرسول، دون كل من حضر، ليؤازره ويعاونه على هذا الامر. وقد رآه النبي " صلى الله