وسيأتي إن شاء الله في الجزء الرابع من هذا الكتاب: أن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " قد آخى بين المهاجرين والأنصار بعد الهجرة. ولسوف نذكر طائفة من مصادر حديث المؤاخاة هناك إن شاء الله ونذكر انكار ابن تيمية وغيره لحديث مؤاخاة مهاجري لمهاجري، وجوابه، ثم نعلق على حديث المؤاخاة بما نراه مناسبا؟ فإلى هناك.
ابتدأ هجرة المسلمين إلى المدينة:
ويقول المؤرخون إن بيعة العقبة الثانية قد كانت قبل هجرة الرسول " صلى الله عليه وآله وسلم " إلى المدينة بثلاثة أشهر ويقولون أيضا: إنه بعد أن عقد النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " بيعة العقبة الأولى - على الظاهر - مع أهل المدينة ولم يقدر أصحابه أن يقيموا بمكة بسبب إيذاء المشركين، ولم يصبروا على جفوتهم، رخص لهم " صلى الله عليه وآله وسلم " بالهجرة إلى المدينة. وبقي " صلى الله عليه وآله وسلم " بمكة ينتظر أن يؤذن له. فخرجوا أرسالا، حتى أذن الله سبحانه لنبيه الأكرم " صلى الله عليه وآله وسلم " بالهجرة، كما سيأتي.
المثل الاعلى:
وجدير بالتسجيل هنا: أن نرى المسلم الحقيقي يضحي بوطنه الذي نشأ وعاش فيه، وبكل ما يملك من متاع الحياة الدنيا، وبعلاقاته الاجتماعية، وروابطه النسبية ويقدم على معاداة الناس كلهم، حتى آبائه، واخوانه وأبنائه. ويخرج من بلده ومسقط رأسه ليواجه مستقبلا يعرف أنه ملئ بالاحداث والأخطار، كل ذلك في سبيل هدفه ودينه وعقيدته. وهو أروع مثل نستفيده من عملية الهجرة. سواء في ذلك الهجرة إلى المدينة، أو الهجرة إلى الحبشة.