وإذا كان بقاؤه " صلى الله عليه وآله وسلم " في مكة - إن لم يكن فيه خطر على الدعوة - معناه جمودها، وتحجميها، وشل حركتها، فان من الطبيعي أن يبحث عن مكان آخر تتوفر فيه له حرية الحركة، والدعوة إلى الله، بعيدا عن أذايا قريش ومكائدها. ويتوفر فيه متنفس لهؤلاء المسلمين الذين تنالهم قريش بمختلف أنواع العذاب والتنكيل، قبل ان يتطرق الياس إلى نفوسهم، وينهاروا امام تلك الضغوط التي يتعرضون لها باستمرار.
فكان كل ذلك وسواه دافعا إلى الهجرة إلى الطائف.
الهجرة إلى الطائف في كلمات المؤرخين:
فبعد ان أذن الله له " صلى الله عليه وآله وسلم " بالخروج من مكة إذ قد مات ناصره؟ خرج إلى الطائف، ومعه علي " عليه السلام " (1) - أو زيد بن حارثة أو هما معا (2) على اختلاف النقل - وذلك لليال بقين من شوال سنة عشر.
فأقام في الطائف عشرة أيام، وقيل: شهرا، لا يدع من أشرافهم أحدا إلا جاءه، وكلمه، فلم يجيبوه، وخافوا على آحداثهم؟ فطلبوا منه أن يخرج عنهم، وأغروا به سفهاءهم؟ فجلسوا له في الطريق صفين، يرمونه بالحجارة، وعلي " عليه السلام " يدافع عنه، حتى شج في رأسه، أو ان الذي شج في رأسه هو زيد بن حارثة.
ويقولون: إنه " صلى الله عليه وآله وسلم " التجأ إلى بستان لعتبة وشيبة ابني ربيعة، وجلس في أحد جوانبه، فتحركت عاطفة ابني ربيعة،