فقال المطعم بن عدي: والله يا أبا طالب، لقد أنصفك، قومك وجهدوا على التخلص مما تكرهه؟ فما أراك تريد ان تقبل منهم شيئا.
فقال أبو طالب: والله ما أنصفوني، ولكنك قد أجمعت على خذلاني، ومظاهرة القوم علي؟ فاصنع ما بدالك؟. أو كما قال.
فحقب الامر، وحميت الحرب، وتنابذ القوم، وبادى بعضهم بعضا (1).
وربما تكون هذه المراحل متداخلة، أو مترتبة. فإن ما ذكرناه لا يعدو عن أن يكون فهما منا للسير الطبيعي للاحداث، - لا أكثر ولا أقل - وقبل المضي في الحديث؟ نسجل النقاط التالية:
الف: قريش لم تصل إلى نتيجة:
لقد رأينا: أن مشركي مكة ما كانوا يرغبون بادئ ذي بدء: في توريط أنفسهم في مواجهة أبي طالب والهاشميين؟ فحاولوا: أن يحملوا أبا طالب نفسه على حسم الموقف، والقضاء على ما يعتبرونه مادة متاعبهم، ومصدر مخاوفهم، وحاولوا أن يثيروا هذا الرجل، ويشحنوه نفسيا ضد ابن أخيه، على اعتبار أن ابن أخيه قد جاء بما يضر بمصالح، ويجرح كرامة وعاطفة عمه نفسه، فضلا عن غيره، ولذا، فإن من الطبيعي أن يبادر أبو طالب نفسه لوضع حد لتصرفات ابن أخيه، ويكفيهم مؤونة ذلك.
ولكنهم حينما وجدوا: أن أبى طالب لم يستجب لأي من أباطيلهم، ولم يحرك ساكنا في سبيل وضع حد لمصدر الخطر عليهم وعلى مصالحهم، لجأوا إلى التهديد والوعيد، ثم إلى أسلوب المكر والخداع كما في قضية عرض عمارة على أبي طالب ليتخذه ولدا، ويسلمهم محمدا