بل إن محل ولادة الانسان إذا كان يحارب الدين الحق، ويسعى في اطفاء نور الله، فإنه يجب تدميره على كل أحد حتى على نفس هذا الذي ولد وعاش فيه (1).
ومن هنا نعرف أن هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من مكة إلى المدينة كانت هجرة طبيعية ومنسجمة مع مقتضيات الفطرة والعقل السليم والفكر الصحيح، الذي يلاحظ سمو الهدف ونبل الغاية، ويقيم كل شئ انطلاقا من ذلك الهدف، وعلى طريق الوصول والحصول على تلك الغاية.
وليكن هذا تمهيدا للحديث عن ظروف الهجرة وعواملها وأحداثها، في حدود ما يتناسب مع هذا الكتاب، فنقول:
دوافع الهجرة في مكة إلى المدينة:
إننا بالنسبة لدوافع الهجرة من مكة إلى المدينة يمكننا الإشارة إلى ما أولا: إن مكة لم تعد أرضا صالحة للدعوة، فقد حصل النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " منها على أقصى ما يمكن الحصول عليه، ولم يبق بعد أي أمل في دخول فئات جديدة في الدين الجديد، في المستقبل القريب على الأقل.
وقد كان ثمة مبرر لتحمل الأذى والمصاعب، حينما كان يؤمل أن تدخل في الاسلام جماعات تقويه، وتشد من أزره.