وسر ذلك واضح؟ فإن الناس كانوا في أول البعثة كفارا، ومنغمسين في الظلم والانحراف إلى أبعد مدى. فلا بد من إنذارهم أولا؟ ليلتفتوا إلى الواقع السئ الذي يعيشونه، وإلى العواقب المدمرة والمرعبة، التي تنتظرهم نتيجة لذلك. والتفاتهم هذا لسوف يؤثر فيهم التطلع، ثم الحركة نحو الخروج من ذلك الواقع، والتخلص منه.
ثم يأتي بعد ذلك دور تخليص المجتمع من رواسبه، ومن حركاته، وأعماله، ومواقفه السيئة، على مستوى الفرد، وعلى مستوى الجماعة، وتطهيره من كل غريب ومريض.
ومعه جنبا إلى جنب تكون عملية وضع الأسس المتينة والسليمة لبناء الهيكل العام للمجتمع المسلم في عواطفه، وفي علاقاته، وفي روابطه.
والاهم من ذلك؟ في فكره وثقافته، وإعطائه المفهوم الحقيقي والواقعي عن الكون، وعن الحياة، وبالذات عن هذا الانسان القوي الضعيف، وليطرد قدما في عملية بناء الانسان من الداخل، وتربيته وتزكيته، كما هو وظيفة النبي والامام، وكل داعية إسلامي على الاطلاق.
وقد أشرنا في أول هذا الفصل إلى هذا، مستفيدين من قوله تعالى:
(هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة).
وهذا الذي ذكرناه عن أسلوب الاسلام في دعوته، هو التحرك الطبيعي لأية دعوة، تستهدف الاصلاح الجذري، والتغلب على مشاكل الحياة. والتخطيط لمستقبل مشرق سعيد.
ز - ماذا قال النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " في يوم الانذار:
وقد جاء في بعض النصوص أنه " صلى الله عليه وآله وسلم " قال لهم: " يا بني عبد المطلب، إني لكم نذير من الله عز وجل، إني أتيتكم