وفي سبيلها.
4 - المدنيون والمكيون:
إن الوثنية التي كان أهل المدينة يدينون بها لم تستطع أن تحل مشاكلهم الداخلية، على اختلافها، ولا حتى أن تخفف من حدتها. كما أنها لم تكن تجلب لهم امتيازات اجتماعية، ولا اقتصادية ولا غيرها.
ولذلك فقد ضعفت ووهنت، وزاد في ضعفها ووهنها مخالفتها للفطرة السليمة، والعقل القويم. ثم جاءت اخبارات اليهود لهم بقرب ظهور نبي يخبر عن الله لتزيد من ذلك الضعف والوهن إلى حد بعيد.
وهذا تماما على عكس الحال في مشركي مكة؟ فإنهم كانوا يستفيدون من وثنيتهم اجتماعيا واقتصاديا. وجعلوا من أنفسهم محورا تلتقي عليه سائر الفئات والقبائل في المنطقة، وكرسوا لأنفسهم الكثير من الامتيازات الظالمة. - ولم يكونوا على استعداد للتخلي عن هذه الامتيازات من أجل خدمة الحق والانسان، بل كانوا يضحون بالانسان والحق في سبيل امتيازاتهم، وانحرافاتهم، ومصالحهم تلك.
هذا، ولا بد من ملاحظة ما قدمناه حين الكلام على العوامل التي ساعدت على انتصار الاسلام وانتشاره، لنجد: أن شخصية الرسول العظيمة، وأخلاقه الكريمة، وكونه من أرفع بيت في قريش والعرب - ويضيف البعض: رابطة القربى، التي كانت تربطه ببني النجار الخزرجيين، عن طريق آمنة بنت وهب (1) كل ذلك وسواه مما تقدم قد أسهم في إقبال أهل المدينة على الاسلام، وتقبل دعوته، والتضحية في سبيله.