حتى ليصيح الناس: أنصفتنا يا أبا طالب.
ثم تبرز لنا من النصوص المتقدمة حقيقة أخرى، لها أهميتها وانعكاساتها، وهي تدل مدى ثقة أبي طالب بصدق النبي الأعظم " صلى الله عليه وآله وسلم "، وبسداد أمره، وواقعية ما جاء به. حتى لقد كان يتألم جدا من اتهام ابن أخيه بالسحر والكهانة، ويعتبر ذلك افتراءا ظاهرا، ويغتنم الفرصة السانحة للتعبير عن خطل رأيهم، وسفه أحلامهم، فيقول لهم: " اتبين لكم: أينا أولى بالسحر والكهانة؟ ". وكانت النتيجة: أن أسلم بسبب هذه المعجزة يومئذ عالم من الناس.
القبلية وأثارها:
وقد لاحظنا فيما سبق: أن القبلية قد ساعدت إلى حد ما في منع الكثير من الاحداث التي تؤثر مستقبليا على الدعوة ونجاحها. وليكن ما قام به هؤلاء الذين عملوا على نقض الصحيفة هو أحد الشواهد على ذلك.
ولكن الذي يلفت نظرنا هو أننا لا نرى أبا لهب فيمن قام في ذلك أو ساعد عليه.
كما أننا لا نجد اثرا لابن عم خديجة حكيم بن حزام، الذي تدعي الروايات!! أنه كان يرسل الطعام لهم وهم محصورون في الشعب.
وأيضا لا نجد مكانا لأبي العاص بن الربيع الأموي (!!)، الذي سوف يأتي حين الكلام على أسطورة تزويج علي (1) ببنت أبي جهل أنهم يدعون (!!): ان النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أثنى على صهره!!
تعريضا بعلي الذي لم يكن يستحق إلا التقريع والتعريض (!!). علي الذي كان يخاطر بنفسه، ويأتي لهم بالطعام من مكة، ولو وجدوه لقتلوه، كما تقدم.