أضف إلى ذلك: أنه حين يبدأ بالأقربين من عشيرته، ولا يبدو أنه على استعداد لتقديم أي تنازل أو مساومة حتى بالنسبة إلى هؤلاء، فإن معنى ذلك هو أن على الآخرين أن يقتنعوا بأنه منسجم مع نفسه، ومقتنع بصحة ما جاء به، ويريد لأحب الناس إليه، الذين لا يريد لهم إلا الخير، أن يكونوا في طليعة المؤمنين الذين يضحون بكل غال ونفيس في سبيل هذا الدين. وقد رأينا: أن النصارى قد تنبهوا إلى ذلك في قضية المباهلة.
فرا جع.
ومن الجهة الأخرى: فإنه يعيش في مجتمع يقيم علاقاته على أساس قبلي؟ - فحين يريد أن يقدم على مواقف أساسية ومصيرية - وحين لا يكون هو نفسه يرضى بالاعتماد على القبلية كعنصر فعال في حماية مواقفه، وتحقيق أهدافه؟ فإن من اللازم: أن يتخذ من ذوي قرباه موقفا صريحا، ويضعهم في الصورة الواضحة؟ وأن يهئ لهم الفرصة ليحددوا مسؤولياتهم، بحرية، وصراحة، وصفاء، بعيدا عن أي ضغط، وابتزاز ولو كان هذا الضغط من قبيل العرف القبلي في ما بينهم؟ لأنه عرف مرفوض إسلاميا.
وهنا تبرز واقعية الاسلام في تعامله مع الأمور، وفي معالجته للقضايا، الاسلام الذي لا يرضى أن يستغل جهل الناس وبساطتهم، وحتى أعرافهم - الخاطئة - التي ارتضوها لأنفسهم في سبيل منافعه، وتحقيق أهدافه.
نعم، إن الاسلام يعتبر الوسيلة جزءا من الهدف، فلا بد أن تنسجم وتتلاءم معه - كما لا بد أن تنال من الطهر والقداسة بالمقدار الذي يناله الهدف نفسه.
وفقنا الله للسير على هدى الاسلام، والالتزام بتعاليمه؟ إنه خير مأمول، وأكرم مسؤول.