- كما يرى ابن إسحاق وغيره - قد مرت بثلاثة مراحل، إنتهت كلها بالفشل الذريع.
الأولى: إنه مشى رجال من إشراف قريش إلى أبي طالب. ذكر المؤرخون أسماءهم، فقالوا: يا أبا طالب، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا، فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخلي بيننا وبينه، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه، فنكفيكه، فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا، وردهم ردا جميلا، فانصرفوا عنه.
الثانية: إنهم حين رأوا أن رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " قد استمر على ما هو عليه، يظهر دينه، ويدعو إليه، حتى شرى الامر بينه وبينهم، وحتى تباعد الرجال، وتضاغنوا، وأكثرت قريش ذكر رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم "، بينها، ذهبوا إلى أبي طالب، فتهددوه: إن لم يكف ابن أخيه عن شتم أبائهم، وتسفيه أحلامهم، وشتم آلهتهم، فلسوف ينازلونه وإياه حتى يهلك أحد الفريقين، ثم انصرفوا.
فأرسل أبو طالب إلى رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " فأخبره، وطلب إليه أن يبقي على نفسه وعليه، ولا يحمله ما لا يطيق.، فظن أنه قد بدا لعمه فيه بداء، وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام دونه، فقال له " صلى الله عليه وآله وسلم ": يا عم، والله، لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في شمالي على أن أترك هذا الامر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه، ما تركته. فوعده أبو طالب النصر.
الثالثة: عرضوا على أبي طالب: أن يتخذ عمارة بن الوليد ولدا له، ويسلمهم النبي، الذي فارق دين أبي طالب ودين آبائه، وفرق جماعتهم وسفه أحلامهم ليقتلوه. فإنما هو رجل برجل.
فقال أبو طالب: والله، لبئس ما تسومونني أتعطونني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه، هذا والله ما لا يكون أبدا.