الدعوة، والطلب حتى من قريش: أن تسلم لربها، مشفوعا ذلك بوعد أكيد. بأن الله سوف يكفيه المستهزئين؟ فيجب أن لا يهتم لهم، وأن يتجاهلهم.
وذلك حين نزل قوله تعالى:
(فاصدع بما تؤمر، وأعرض عن المشركين. إنا كفيناك المستهزئين) (1).
هذا إذا كان المقصود أنه سوف يكفيه أولئك الذين صدر منهم فعل الاستهزاء. أما إذا كان المراد: من سوف يصدر منهم هذا الامر، فإن الآية لا تكون ناظرة إلى ما سبق كما هو ظاهر لا يخفى.
وقد بين الله تعالى له: خطة العمل المستقبلية، فأمره أن يأخذ بالصفح الجميل، وبالاعراض عن المشركين، وأن لا يحزن عليهم، ولا يضيق صدره بما يقولون؟ فإن جزاءهم على الله المطلع على كل صغيرة وكبيرة.
فامتثل النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أمر الله، وأظهر دعوته، وطلب من الناس جميعا: أن يسلموا لربهم.
ويقولون: إنه قام على الحجر، فقال: يا معشر قريش، يا معشر العرب أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وآمركم بخلع الأنداد والأصنام؟ فأجيبوني تملكون بها العرب، وتدين لكم العجم، وتكونون ملوكا في الجنة.
فاستهزؤا به، وقالوا: جن محمد بن عبد الله، ولم يجسروا عليه لموضع أبي طالب (2).