هذا القول وما ينافيه، و (1) نسب هذا القول إلى الضعف والقصور مستندا إلى عدم الدليل عليه، قال: لا يخفى أن الواجب هو الوضوء والصلاة، والإتيان بأحد الواجبين وإن لم يأت بالآخر بعده غير مضر بصحته، فمن أين لا يجوز له الوضوء وهو مخاطب به وواجب عليه؟ غايته أنه يجب عليه الصلاة معه ولكن وجوب الصلاة موسع عليه، وحينئذ فلو توضأ أول الوقت لأجل الصلاة في آخره فلا مانع من صحته (2)، انتهى.
ولا يخفى أنه لم ينكر أحد صحة الوضوء في أول الوقت لأجل أن يصلي في آخره ولا يقبل الإنكار، وإنما الكلام في أن من لم يرد الصلاة إلا بوضوء آخر بعد نقض هذا الوضوء، كمن أراد الوضوء في أول الوقت لقراءة القرآن وهو قاصد إلى النوم بعد القراءة ثم القيام إلى الصلاة، فإن الامتثال بالواجب الغيري والإتيان به لأجل أمر (3) الشارع توصلا إلى إباحة الصلاة مع عدم قصد التوصل به إلى الغير بل لغرض آخر لا يعد إطاعة وموافقة لذلك الأمر، ولا يصلح لأن يكون هذا الفعل إطاعة لذلك الأمر الغيري، ألا ترى أنه إذا أمر المولى بتحصيل المال لأجل شراء اللحم الواجب عليه فحصل العبد المال لغرض آخر لا دخل له بشراء اللحم لم يعد تحصيله هذا بداعي أمر المولى ولم يمكن أن ينبعث عنه، وهذا ما قويناه أولا وإن كان مؤداه مغايرا لإطلاق ما تقدم حكايته في كلام صاحب الحدائق، كما لا يخلو عن قوة.