إلا أن يقال بملاحظة ما ذكرنا سابقا: إن قصد التقرب في الوضوء إنما هو باعتبار رجحانه الذاتي لا باعتبار وجوبه المقدمي، فإذا لم يكن هذا الوجوب داعيا إليه لم يقدح ذلك في صحته واتصافه بالوجوب.
نعم، الوجوب يكون ملحوظا فيه على وجه التوصيف لا العلة الغائية، فتأمل، فما ذكر الأكثر كما عرفت لا يخلو عن وجه.
وربما استظهر بعض من عاصرناه (1) من كلمات الأصحاب في تقسيم الوضوء إلى واجب ومندوب، وجعل الواجب ما كان لصلاة واجبة أو طواف واجب - كما في عبارة الشرائع والجعفرية (2) - أو الوضوء للصلاة أو الطواف المفروضين - كما في عبارة الجامع (3) - أو الذي يؤدى به صلاة (4) مفروضة، - كما في عبارة المراسم (5) -: أن مجرد وجوب الغاية لا يؤثر في كون الوضوء المأتي به واجبا ولو لم يوجد لأجل تلك الغاية، بل الواجب ما وجد لأجل الغاية الواقعة، لكن الظاهر أن قوله في الشرائع: " ما كان للصلاة " أي ما ثبت في الشريعة لأجل الصلاة، وبهذا الاعتبار يكون واجبا للغير لا ما تحقق في الخارج من المكلف لأجل الصلاة.
ويدل على ذلك: إطلاق قول كلا المحققين فيما بعد: ويجب الغسل إذا بقي من طلوع الفجر من يوم يجب صومه بقدر ما يغتسل الجنب ولصوم