ومن أن الظاهر - كما تقدم - كشف الصحيحة عن كون الوضوء فعلا واحدا، فالشك فيما يتعلق به شك قبل الفراغ، فيدخل تحت قوله: " وإنما الشك في شئ لم تجزه " ولا أقل من الشك.
وأما أصالة صحة ما مضى من فعله، فلا مستند لها غير تلك العمومات، فالإلحاق أوجه.
وما أبعد ما بينه وبين ما يحتمل أو يقال من الحكم بالصحة، بمعنى تحقق الشرط حتى بالنسبة إلى الأفعال المستقبلة، فمن شك - في أثناء الوضوء - في أن ما يتوضأ به مطلق أو مضاف فيحكم بالصحة وثبوت حكم الإطلاق بالنسبة إلى الغسلات المستقبلة، لأنه شك في إطلاق الماء بعد التجاوز عن محله، لأن محل إحراز هذا الشرط - ولو بحكم العادة - هو ما قبل الشروع في الوضوء، كالشك في الطهارة الحدثية في أثناء الصلاة، حيث إنه يمضي.
وفيه ما لا يخفى، لأن إحراز إطلاق الماء عبارة عن الغسل بالماء المطلق، وليس فعلا مغايرا لذلك حتى يلاحظ محله الشرعي أو العادي، ومنه يعلم منع الحكم في مثال الشك في الوضوء في أثناء الصلاة، كما يشهد له رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام: " عن رجل يكون على وضوء، ويشك أنه على وضوء أم لا؟ قال: إذا ذكر وهو في صلاته انصرف وتوضأ وأعادها. وإن ذكر وقد فرغ من صلاته أجزأه ذلك " (1)، بناء على أن المراد بالشك هو زوال اليقين بالحدث وبالوضوء (2)، لا الشك في بقائه، لوجوب استصحابه حينئذ إجماعا.