ومما ذكرنا يظهر: أنه لا تنافي بين هذه الأخبار وبين ما دل من الكتاب والسنة على اعتبار تحقق الغسل بناء على أن المأخوذ فيه إجراء الماء على العضو، كما صرح به غير واحد (1)، فلا داعي إلى التزام كفاية مثل الدهن في مقابل أدلة الغسل، فيكون قد اكتفى الشارع عن الغسل بما ليس غسلا، مستشهدا على ذلك بما دل على كفاية مس الماء للجلد ومسحه به وإصابته له، مثل قوله عليه السلام في صحيحة زرارة في الوضوء: " إذا مس جلدك الماء فحسبك " (2) وصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام:
" اغتسل أبي من الجنابة، فقيل له: قد أبقيت لمعة في ظهرك لم يصبها الماء.
فقال أبي: ما كان عليك لو سكت؟ ثم مسح تلك اللمعة بيده " (3).
ولا يخفى ما في الالتزام المذكور من التعسف، والتأويل في أدلة وجوب الغسل في الوضوء والغسل، بحملها على بيان الفرد الغالب من فردي الواجب التخييري، أو الأفضل منها، وطرح ما ظاهره اعتبار الجريان، مثل قوله عليه السلام في حسنة زرارة: " الجنب، ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره، فقد أجزأه " (4) وقوله عليه السلام: " ما أحاط به الشعر فليس للعباد أن يبحثوا عنه ولكن يجرى عليه الماء " (5) وقوله في صحيحة ابن مسلم الواردة