مثل الدهن " (1). وفيها دلالة واضحة على ما ذكرنا، من أن التشبيه بالدهن من حيث كون المقصود إيصال الماء إلى الأعضاء، لا إذهاب قذارة من المحل لغلبة الماء عليه، ثم انفصاله عنه، كما هو الملحوظ في رفع القذارات الشرعية والعرفية، وليس وجه الشبه كفاية مجرد الإمساس سواء جرى أم لا.
وفي موثقة إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام: " أن عليا عليه السلام كان يقول: الغسل من الجنابة والوضوء يجزئ منه ما أجزأ من الدهن الذي يبل الجسد " (2).
وموثقة زرارة في غسل الجنابة: " أفض على رأسك ثلاث أكف، وعلى يمينك، وعلى يسارك، إنما يكفيك مثل الدهن " (3).
وبالجملة، فالتشبيه بالدهن في النصوص والفتاوي يحتمل كونه من حيث القلة، وكونه من حيث إن الغرض من استعماله مساس (4) البدن دون انفصاله عنه بوسخ، ويحتمل من حيث كون الاستعمال فيه أعم من كونه على وجه التمسح أو الإجراء، وعلى الأولين فهو ساكت عن نفي اعتبار الجريان وإثباته. نعم، هو على الثالثة ظاهر في نفي اعتباره، لكنه خلاف النصوص والفتاوي فلا يرفع به اليد عن أدلة الغسل من الكتاب (5) والسنة، خصوصا ما نص فيه على الجريان (6).