وأما ما ذكره جامع المقاصد أخيرا، ففيه: أن معنى اجتماع وجوب غسل الحيض والجنابة وجوب رفع الحدثين، وهو قد يتحقق بغسل واحد منوي به رفعهما أو خصوص الجنابة، وقد يتحقق بفعل غسل الحيض أولا فيرتفع به حدث الحيض، ويترتب عليه آثاره من ارتفاع حرمة الوطء ء أو كراهته وجميع أحكام الطاهر من الحيض، ويبقى رفع الجنابة بغسل آخر، فغسل الحيض أحد فردي الواجب التخييري بالنسبة إلى أحد الواجبين، وهو رفع حدث الحيض، لا بالنسبة إلى وجوب رفع الحدث المطلق واستباحة الصلاة. نعم، لو لم يترتب على غسل الحيض أثر لا يتوقف على غسل الجنابة أمكن دعوى لغوية إيجاب غسل الحيض، إلا أن ذلك يكون كاشفا عن اتحاد حقيقة الحدثين فيرجع إلى الوجه الأول وهو ادعاء اتحاد الحدث.
ويمكن الاستدلال على المطلب بما يظهر منه كون الحيض أعظم من الجنابة فيرتفع برافعه - نظير الجنابة بالنسبة إلى الحدث الأصغر - مثل رواية سعيد بن يسار: " في المرأة ترى الدم وهي جنب أتغتسل من الجنابة؟ قال:
قد أتاها ما هو أعظم من ذلك " (1).
وما يظهر منه كون كل من الحيض والجنابة بمنزلة الآخر في الحكم كصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم، قالا: " قلنا له: الحائض والجنب يدخلان المسجد؟ قال: لا يدخلان المسجد إلا مجتازين، إن الله تبارك وتعالى يقول: (ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) " (2)، فإن الاستدلال