ورجوعها إلى حدث واحد كما في أسباب الوضوء، فمرجع أصالة عدم التداخل حينئذ إلى وجوب تكرار هذه الحقيقة الواحدة بتكرر أفراد الحدث الواحد، وهذا خلاف الإجماع، فإن تعدد الأغسال بتعدد أسبابها وعدم الاكتفاء فيها بواحد مبني على اختلاف حقائق الأحداث والأغسال وعدم كونها كموجبات الوضوء، كما لا يخفى على من لاحظ كلماتهم.
لكن الإنصاف: أنه لا ظهور معتد به لتلك الأدلة في اتحاد حقيقة الأغسال وإن كان يوهمه إطلاقاتها، مع أن هنا ما يدل على تعدد ما يجب على المكلف عند تعدد الأسباب، فيدل على اختلاف حقائقها لما ادعي من الإجماع على عدم التعدد على تقدير اتحاد حقيقة الأغسال والأحداث، مثل قوله عليه السلام: " إذا اجتمعت لله عليك حقوق أجزأها عنك غسل واحد " (1)، فإن ظاهر " الحقوق " وظاهر قوله " أجزأها عنك " المتضمن لمعنى الإسقاط:
تعدد الواجب.
ومثل قوله عليه السلام في غسل الحيض والجنابة: " تجعلهما غسلا واحدا " (2)، فإن استناد الاتحاد إلى جعل المكلف في مقام الأداء والامتثال ظاهر في تعددهما في أنفسهما.
وقوله: " أجزأ من كل غسل يلزمه في ذلك اليوم " (3)، فإنه ظاهر في تعدد الأغسال.