واستدل جامع المقاصد عليه - مضافا إلى الأخبار والإجماع - بأن الحدث الذي هو عبارة عن النجاسة الحكمية متحد وإن تعدد أسبابه، فإذا نوى ارتفاعه بالسبب الأقوى ارتفع بالإضافة إلى غيره (1)، وهو استدلال حسن بناء على جعل الأسباب كأسباب الحدث الأصغر، ولا يحتاج معه إلى دعوى الأقوائية والأضعفية مع كونها في محل المنع.
واستدل شارح الدروس عليه بصدق الامتثال عرفا، قال: لأنه إذا طلب شئ من أحد ثم أتى بذلك المطلوب وإن لم يكن إتيانه به من جهة ذلك الطلب لم يسغ في العرف أن يقال له - معترضا عليه -: أنك لم (2) تأت بذلك المطلوب، خصوصا إذا كان إتيانه به من جهة طلب آخر من ذلك الطالب كما فيما نحن فيه. نعم، القدر المسلم على تقدير تمامية دليله أنه لا بد من الإتيان في الأوامر الإلهية التي من قبيل العبادات بالمأمور به متقربا إلى الله فالمأمور به في الحقيقة امتثال الطبيعة المقيدة بكونه على وجه الإخلاص والتقرب، ولا شك أن الإتيان بالمطلوب فيما نحن فيه للتقرب، ولا نسلم أنه يلزم أن يكون المنظور ذلك الطلب بخصوصه.
ثم أورد على نفسه بمنافاة ذلك لما ورد من أن " الأعمال بالنيات "، وأن " لكل امرئ ما نوى ". وأجاب - بعد المنع عن دلالتهما على أن غير المنوي لا يحصل له - بأنه يمكن أن يقال فيما نحن فيه: لا نسلم أنه لم ينو في الفرض المذكور امتثال أمر مما عدا الجنابة، لأن الامتثال كما عرفت يحصل بإتيان الفعل مع الإخلاص، فعند قصد ذلك الفعل يقصد الامتثال أيضا