وأما التداخل في المسببات بعد تسليم استقلال الأسباب في التأثير، فغير ممكن، لأن الفردين المتحدين مفهوما لا يعقل اتحادهما، لأن كونهما في الخارج فردين إنما هو بتعدد الوجود. وقياسهما على المفهومين مثل " أكرم هاشميا " و " أضف فقيرا " واضح الفساد، لإمكان اتحاد المفهومين في الخارج بتصادقهما في فرد واحد، وأما الفردان من مفهوم واحد فلا يعقل اتحادهما.
والسر فيه: أن فرض تعدد المسبب يتوقف على تغاير بينهما، إما في الذهن وإن حصل الاتحاد في الخارج كما في المفهومين، وإما في الخارج كما في فردين من مفهوم واحد، وأما الوجود الواحد لمفهوم (1) واحد فلا يعقل فيه تعدد حتى يفرض فيه استقلال كل سبب بمسببه.
ودعوى: أن الفردين المسببين للسببين كالجنابة والمس مثلا، ليس كل منهما سببا من حيث مفهومه المشترك بينه وبين الفرد المسبب للسبب الآخر وإلا لم يتخالفا في الآثار، فتخالفهما في الآثار يدل على كون كل فرد منهما معرفا لعنوان يترتب عليه تلك الآثار، فيرجع الأمر إلى مفهومين يمكن اتحادهما في فرد واحد يتصادقان فيه.
مدفوعة: بأن اللازم من ذلك عدم جواز تداخلهما لعدم العلم بكون ذينك المفهومين قابلا للتصادق في فرد واحد. نعم، ربما يقال: إن ظاهر أدلة الأغسال اتحاد حقيقة الغسل الذي يوجبه أسبابه، فما يوجبه الجنابة من الغسل عين ما يوجبه الحيض، فيكشف ذلك عن اتحاد حقيقة هذه الأسباب