أقول: ما ذكره قدس سره أضعف مما ذكره المحقق الثاني قدس سره (1)، لأنه إذا ثبت تعدد التكليف والمكلف به كما حققنا سابقا واعترف هذا المحقق في آخر كلامه وفيما قبله من كون امتثال أمر غسل ما عدا الجنابة حسنا بالاستقلال، وأن لذلك الغسل حسنا مستقلا، وعلم من العقل والعرف أن الامتثال لأمر يجب امتثاله لا يتحقق إلا مع قصد عنوان المأمور به وإتيانه للأمر به، فكيف يعقل أن يكون امتثال أحد الأمرين امتثالا للأمر الآخر وإن لم يقصده ولا التفت إلى متعلقه؟ وهل يكون ذلك إلا مع رفع اليد عن تعدد المكلف به، والتزام كون الأوامر المتعددة راجعة إلى فعل واحد، ومع دعوى عدم اعتبار القصد إلى الأمر والمأمور به في تحقق الامتثال؟ والأول خلاف الفرض والثاني خلاف العقل والنقل كما لا يخفى.
وأضعف من هذا ما فرعه على قاعدة التحسين والتقبيح من المدح والثواب على الفعل الغير المقصود، فإن القاعدة المذكورة - مع تسليم دلالتها على اعتبار ثبوت الحسن في المأمور به وعدم كفاية وجود الحسن في نفس التكليف - أن المتصف بالحسن والقبح لا يكون إلا العنوان المقصود الملتفت إليه دون العنوان المتحقق في ضمن عنوان مقصود من دون التفات، فإن إكرام زيد إذا لم يلتفت الفاعل إلى تصحبه لإكرام عمرو ولم يقصده لا يترتب عليه مدح ولا ذم، بل لو تحقق فإنما يتحقق من غير اختيار فلا يتصف بالحسن والقبح أصلا.
وأما ما ذكره أخيرا من أنه لولا دليل الامتثال أشكل التمسك بالروايات من جهة المعارضة، ففيه: أنا في سعة من هذه المعارضة بدعوى