أنه في زمن الفاطميين زاد وقوي، ودخل التشيع إلى بلاد المغرب وبلاد البربر في زمنهم أيضا وفي زمن الأدارسة، ودخل إلى بلاد الأندلس في زمنهم. ودخل التشيع بعض بلاد إيران من حين الفتح الاسلامي عفوا وإيمانا وعقيدة لا لما زعمه المقريزي وتبعه الكثيرون من أهل هذا العصر وغيره وبدون تحقيق ولا تمحيص من أن ذلك كان للانتقام من الاسلام تحت ستار التشيع لما بيناه مفصلا مرارا في هذا الجزء وغيره من أن أهل إيران كان الغالب عليهم خلاف التشيع إلى عصر الصفوية الذي ابتدأ في المائة العاشرة، وإن زعم كون تشيع الإيرانيين للانتقام من الاسلام خيال فاسد. ولما دخل الرضى ع خراسان في عصر المأمون تشيع كثير من أهلها مضافا إلى من كان فيها من الشيعة وكان المأمون عارفا بفضل علي وتقدمه على غيره محتجا في ذلك على علماء عصره كما دل على ذلك انتصاره له في موارد عديدة منها ما ذكره صاحب العقد الفريد من جمعه علماء عصره والاحتجاج عليهم في ذلك بما حملهم على الاذعان به. وكثر التشيع في قم وآوة وغيرهما في عصر الباقر والصادق ع وسكن في قم الأشعرون من العرب وكانوا شيعة فانتشر التشيع فيها وفي عهد البويهيين ظهر التشيع في إيران في البلاد التي حكموها ودخل التشيع جميع بلاد خراسان وما وراء النهر وأفغانستان قبل عصر الصفوية وكثر في هذه البلاد في عصرهم وامتد التشيع إلى بلاد الهند والسند والتبت وظهرت في الهند دول العادل شاهية والنظامشاهية وغيرها من الدول الشيعية وحكمها من ملوك الشيعة أكبر خان جلال الدين محمد بن همايون من أحفاد تيمور وأحفاده قرونا متطاولة وهو الذي أدخل إليها اللسان الفارسي ومزجه بالهندي وأخرج منهما لسانا سماه لسان أردو وهو اللسان الرسمي إلى اليوم. وأهل البحرين قديمو التشيع وليها إبان بن سعيد بن العاص في مبدأ الاسلام وكان من الشيعة فغرس فيهم التشيع ووليها عمر بن أبي سلمة ربيب رسول الله ص وكان من الشيعة ووليها أيضا معبد بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي. وانتشر التشيع في بلاد الأناضول وغيرها من بلاد الترك وفي بلاد الألبان والظاهر أنه تسرب إلى هذه البلاد من دعاة الصفوية حتى أن السلطان سليم العثماني قتل من الشيعة أربعين ألفا أو سبعين ألفا في الأناضول في عصر الشاه عباس الصفوي.
البحث الثامن فيما لأهل البيت ع من فضل وخدمة للدين الاسلامي فأولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع قام الاسلام بسيفه ولم يفارق رسول الله ص في سفر ولا حضر وشاركه في محنة كلها وشدائده وبات على فراشه ليلة الغار يقيه بنفسه ولما توفي النبي ص لم يأل الاسلام والمسلمين نصحا مع أنه كان يرى نفسه مغموط الحق مؤخرا عن مقامه ولما عاتبته الزهراء في سكوته قال لها وقد سمع صوت المؤذن أ تريدين أن يبطل هذا النداء فسكتت وهو الذي أشار على عمر بالنصيحة والصواب في حرب الفرس والروم وفي حلي الكعبة كما يأتي في سيرته في الجزء الثالث وقضى بين المسلمين بالقضايا العجيبة التي أوضح بها المشكلات وأزاح الشبهات في عصر الرسالة وأعصار الخلفاء الثلاثة وعصر خلافته وأرشدهم إلى ما فيه الصواب حتى قال أحدهم لولا علي لهلك عمر، قضية ولا أبو حسن لها أي ولا مثل أبي حسن لها وأفتى في كثير من المسائل الغامضة بفتاوى تداولها المسلمون وعملوا بها إلى اليوم واستنبط الحكم بان أقل الحمل ستة أشهر من الجمع بين قوله تعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين وقوله وحمله وفصاله ثلاثون شهرا فعمل به الصحابة والتابعون وتابعو التابعين وعلماء المسلمين إلى اليوم وإلى آخر الدهر. وأفتى في الزانية الحامل وفيمن حملت وهي بكر وفي الزانية المجنونة وفي غير ذلك مما ستعرفه عند ذكر أحكامه وقضاياه في الجزء الثالث. وتكلم في توحيد الباري وصفاته بما بهر به العقول وتضمنته جملة من خطب نهج البلاغة. وتضمن بعضها الكلام على بطلان القياس بأوضح بيان وبرهان. وعلم الناس العدل والمساواة وبث من الحكم والمواعظ والآداب وسياسة الملك والرعية ما تستمد منه الناس إلى يوم القيامة وعهده للأشتر شاهد صدق بذلك. وأخذ عنه الناس علم التفسير وعلوم القرآن فستعرف أنه أملى كتابا فيه ستون نوعا من أنواع علوم القرآن وذكر لكل نوع مثالا يخصه وأنه الأصل لكل من كتب في أنواع علوم القرآن.
وفي كتاب محاضرة الأوائل عن السيوطي في الاتقان في النوع الثمانين في طبقات المفسرين أنه قال: اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة وعد منهم الخلفاء الأربعة ثم قال وأكثر من روي عنه علي بن أبي طالب قال في خطبته سلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية تسألوني عنها إلا أخبرتكم وما من آية إلا وأنا أعلم أ بليل نزلت أم بنهار أم في سهل أو جبل وقال والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم أنزلت وأين أنزلت إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا سؤولا اه.
وفي مناقب ابن شهرآشوب عن تفسير النقاش (1) قال ابن عباس جل ما تعلمت من التفسير من علي بن أبي طالب وابن مسعود أن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها إلا وله ظهر وبطن وإن علي بن أبي طالب علم الظاهر والباطن. وفي المناقب أيضا عن فضائل العكبري ما أحد أعلم بكتاب الله بعد نبي الله من علي بن أبي طالب. وفي المناقب أيضا: سأله ابن الكواء وهو على المنبر ما الذاريات ذروا فقال الرياح قال وما الحاملات وقرأ قال السحاب قال فالجاريات يسرا قال الفلك قال فالمقسمات أمرا قال الملائكة، فالمفسرون كلهم على قوله، وجهلوا تفسير: أن أول بيت وضع للناس فقال له رجل هو أول بيت قال لا قد كان قبله بيوت ولكنه أول بيت وضع للناس مباركا فيه الهدى والرحمة والبركة الحديث.
أول من ألف في الاسلام وفي عصره ابتدأ التصنيف والتآليف فكان هو أول من ألف في الاسلام يدل على ذلك ما عن السيوطي في تدريب الراوي قال: كان بين السلف من الصحابة والتابعين اختلاف كثير في كتابة العلم فكرهها كثير منهم وأباحها طائفة وفعلوها منهم علي وابنه الحسن اه ولا يخفى أن الصواب رجحانها بل وجوبها وكفى دليلا عليه فعل علي وابنه الحسن ع ولولاها لضاع العلم النبوي وعليه فأمير المؤمنين ع هو السابق في ذلك. وقال رشيد الدين محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني