إلى الله. فوالله ما عرض له أحد من آل الحسين بحرف حتى تصرم أمره.
وفي مرآة الجنان: روي أنه تكلم رجل فيه وافترى عليه فقال له زين العابدين إن كنت كما قلت فاستغفر الله وإن لم أكن كما قلت فغفر الله لك فقام إليه الرجل وقبل رأسه وقال جعلت فداك لست كما قلت فاغفر لي قال غفر الله لك فقال الرجل الله أعلم حيث يجعل رسالته. وفي البحار: شتم بعضهم زين العابدين ص فقصده غلمانه فقال دعوه فان ما خفي عليه منا أكثر مما قال ثم قال له أ لك حاجة يا رجل فخجل الرجل فأعطاه ثوبه وأمر له بألف درهم فانصرف الرجل صارخا يقول أشهد أنك ابن رسول الله. قال وشتمه آخر فقال يا فتى إن بين أيدينا عقبة كؤودا فان جزت منها فلا أبالي بما تقول وأن أتحير فانا شر مما تقول.
وفي المناقب: روي أن علي بن الحسين دعا مملوكه مرتين فلم يجبه فلما أجابه في الثالثة قال له يا بني أ ما سمعت صوتي قال بلى قال فما لك لم تجبني قال أمنتك قال الحمد لله الذي جعل مملوكي يأمنني. وفي حياة الحيوان:
كان إذا خرج من منزله قال اللهم إني أتصدق اليوم وأهب عرضي لمن يغتابني اه وكفى في حلمه إنه لما قال الشيخ الشامي: الحمد لله الذي أهلككم وقتلكم وأراح البلاد من رجالكم لم يجابهه زين العابدين بسب ولا شتم بل أجابه بلين الكلام وقال هل قرأت القرآن وذكر الآيات الدالة على فضل أهل البيت فتاب ورجع بفضل حلم زين العابدين ع وحكمته كما مر في السيرة الحسينية.
ثالثها الشجاعة وقوة القلب وثبات الجنان وجرأة النفس وأقوى دليل على ذلك قوله للطاغية عبيد الله بن زياد لما أمر به إلى القتل: أ بالقتل تهددني أ ما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة. وإنه لم يكلم أحدا ممن كان معه في الطريق من الكوفة إلى الشام بكلمة حتى بلغوا الشام وقال محفر بن ثعلبة ما قال فاجابه ما ولدت أم محفر أشر وألأم، وقوله ليزيد وهو في سلطنته وملكه وتسلطه يا ابن معاوية وهند وصخر لقد كان جدي علي بن أبي طالب في يوم بدر واحد والأحزاب في يده راية رسول الله ص وأبوك وجدك في أيديهما رايات الكفار وقوله ويلك يا يزيد إنك لو تدري ما ذا صنعت وما الذي ارتكبت إذا لهربت في الجبال وافترشت الرماد فابشر بالخزي والندامة.
رابعها الكرم: في كشف الغمة عن كتاب نثر الدرر للآبي قال ابن الأعرابي لما وجه يزيد بن معاوية عسكره لاستباحة أهل المدينة ضم علي بن الحسين ع إلى نفسه أربع مائة منافية أي من بني عبد مناف وبعولهن إلى أن تفرق جيش مسرف بن عقبة قال وقد حكى عنه مثل ذلك عند إخراج ابن الزبير بني أمية من الحجاز. وعن الزمخشري في ربيع الأبرار أنه لما أرسل يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة لقتال أهل المدينة واستباحتها كفل زين العابدين ع أربعمائة امرأة مع أولادهن وحشمهن وضمهن إلى عياله وقام بنفقتهن وإطعامهن إلى أن خرج جيش ابن عقبة من المدينة فأقسمت واحدة منهن انها ما رأت في دار أبيها وأمها من الراحة والعيش الهني ما رأته في دار علي بن الحسين اه وفي تذكرة الخواص قال ابن أبي الدنيا حدثنا محمد بن الحسين عن الحميدي عن سفيان الثوري قال أراد علي بن الحسين ع الخروج إلى الحج والعمرة فاتخذت له أخته سكينة بنت الحسين سفرة أنفقت عليها ألف درهم وأرسلت بها إليه فلما كان بظهر الحرة أمر بها ففرقت في الفقراء والمساكين.
خامسها كثرة صدقاته ع لا سيما في السر روي أنه كان لا يأكل الطعام حتى يبدأ فيتصدق بمثله، وروى أبو نعيم في الحلية بسنده عن أبي حمزة الثمالي: كان علي بن الحسين يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به ويقول: إن صدقة السر تطفئ غضب الرب عز وجل.
وبسنده عن شيبة بن نعامة: لما مات علي بن الحسين وجدوه يقوت مائة أهل البيت بالمدينة. وروى أحمد بن حنبل والصدوق في الخصال عن الباقر ع إن علي بن الحسين كان يعول مائة أهل بيت من فقراء المدينة في كل بيت جماعة.
وفي الحلية بسنده عن محمد بن إسحاق كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم. فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به في الليل وفي الحلية بسنده عن ابن عائشة عن أبيه:
سمعت أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين. وروى الصدوق في العلل بسنده عن سفيان بن عينية قال رأى الزهري علي بن الحسين ع في ليلة باردة مطرة وعلى ظهره دقيق وهو يمشي فقال يا ابن رسول الله ما هذا قال أريد سفرا أعد له زادا أحمله إلى موضع حريز قال فهذا غلامي يحمله عنك فابى قال أنا أحمله عنك فاني أرفعك عن حمله قال علي لكني لا أرفع نفسي عما ينجيني في سفري ويحسن ورودي على ما أرد عليه أسألك بحق الله لما مضيت لحاجتك وتركتني فلما كان بعد أيام قال له يا ابن رسول الله لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثرا قال بلى يا زهري ليس هو كما ظننت ولكنه الموت وله أستعد إنما الاستعداد للموت تجنب الحرام وبذل الندى في الخير اه وكان ذلك الدقيق قد حمله ليتصدق به ويعده زادا لسفر الآخرة. وفي البحار: إنه كان إذا جنه الليل وهدأت العيون قام إلى منزله فجمع ما يبقى عن قوت أهله وجعله في جراب ورمى به على عاتقه وخرج إلى دور الفقراء وهو متلثم ويفرق عليهم وكثيرا ما كانوا قياما على أبوابهم ينتظرونه فإذا رأوه تباشروا به وقالوا جاء صاحب الجراب. وعن كتاب سوق العروس عن أبي عبد الله الدامغاني كان علي بن الحسين يتصدق بالسكر واللوز فسئل عن ذلك فقرأ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وكان يحبه.
وروى أبو نعيم في الحلية وابن سعد في الطبقات بسنده عن أبي جعفر أن أباه علي بن الحسين قاسم الله عز وجل ماله مرتين، وقال إن الله تعالى يحب المؤمن المذنب التائب التواب خ ل.
سادسها اعتاقه العبيد في سبيل الله روى أبو نعيم في الحلية بسنده عن سعيد بن مرجانة: عمد علي بن الحسين إلى عبد له كان عبد الله بن جعفر أعطاه به عشرة آلاف درهم أو ألف دينار فاعتقه.
وروى ابن طاوس في كتاب شهر رمضان المعروف بالاقبال بسنده عن الصادق ع كان علي بن الحسين ع إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبدا له ولا أمة وكان إذا أذنب العبد والأمة يكتب عنده أذنب فلان أذنبت فلانة يوم كذا وكذا، ولم يعاقبه فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان دعاهم وجمعهم حوله ثم أظهر الكتاب ثم قال يا فلان فعلت كذا وكذا ولم أؤدبك أ تذكر ذلك؟ فيقول بلى يا ابن رسول الله. حتى يأتي على آخرهم ويقررهم جميعا ثم يقوم وسطهم ويقول ارفعوا أصواتكم وقولوا: يا علي بن الحسين إن ربك قد أحصى عليك كلما عملت كما أحصيت علينا كلما عملنا ولديه كتاب ينطق عليك بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وتجد