بالعراق أو بالحجاز أو ارض لا سلطان لمعاوية فيها وإن كنت مكذوبا عليك فابر صدورنا بايمان نطمئن إليها فحلف له بالله ما فعل وقال رجال من ربيعة كثير لو نعلم أنه فعل لقتلناه وقال شقيق بن ثور ما وفق الله خالد بن المعمر حين نصر معاوية وأهل الشام على علي وربيعة فقال له زياد بن خصفة يا أمير المؤمنين استوثق من ابن المعمر بالايمان لا يغدر فاستوثق منه.
الحضين بن المنذر ورايته قال الحضين بن المنذر الرقاشي: لما كان يوم الخميس من أيام صفين انهزم الناس من الميمنة فجاءنا علي ع حتى انتهى إلينا ومعه بنوه فنادى بصوت عال جهير كغير المكترث لما فيه الناس وقال لمن هذه الرايات قلنا رايات ربيعة قال بل هي رايات الله عصم الله أهلها وصبرهم وثبت اقدامهم ثم قال لي يا فتى أ لا تدني رأيتك هذه ذراعا فقلت له نعم والله وعشرة أذرع فأدنيتها فقال لي حسبك مكانك وقال أبو الأشعث يحيى بن مطرف العجلي شهد مع علي صفين: لما نصبت الرايات اعترض علي الرايات ثم انتهى إلى رايات ربيعة فقال لمن هذه الرايات فقلت رايات ربيعة فقال بل هي رايات الله. واقبل الحضين بن المنذر وهو يومئذ غلام يزحف برايته وكانت حمراء فاعجب عليا زحفه وثباته فقال:
- لمن راية حمراء يخفق ظلها * إذا قيل قدمها حضين تقدما - - ويدنو بها في الصف حتى يزيرها * حمام المنايا تقطر الموت والدما - - تراه إذ ما كان يوم عظيمة * أبى فيه الا عزة وتكرما - - جزى الله قوما صابروا في لقائهم * لدى الباس خيرا ما أعف واكرما - - واحزم صبرا احين يدعى إلى الوغى * إذا كان أصوات الكماة تغمغما - - ربيعة أعني انهم أهل نجدة * وبأس إذا لاقوا خميسا عرمرما - وكانت راية ربيعة كلها كوفيتها وبصريتها مع خالد بن المعمر السدوسي من ربيعة البصرة أعطاه إياها علي ع فتنافس في الراية خالد بن المعمر وشقيق بن ثور السدوسي ثم اصطلحا على أن يوليا راية بكر بن وائل من أهل البصرة الحضين بن المنذر وقالا هذا فتى له حسب ونجعلها له حتى نرى رأينا. قال الجاحظ في البيان والتبيين: لما خرج أهل البصرة إلى صفين تنازع شقيق وخالد الرياسة فصيرها عند ذلك علي إلى حضين بن المنذر فرضي كل واحد منهما وكان يخاف أن يصيرها إلى خصمه فسكتت بكر وعرف الناس صحة تدبير علي في ذلك اه وضرب معاوية لحمير على ثلاث قبائل لم يكن لأهل العراق قبائل أكثر منها عددا يومئذ على ربيعة وهمدان وكندة فوقع سهم حمير على ربيعة وكان بصفين من عنزة وهي من قبائل ربيعة أربعة آلاف محجف فقال ذو الكلاع قبحك الله من سهم كرهت الضراب واقبل ذو الكلاع في حمير ومن لف لفها ومعه عبيد الله بن عمر بن الخطاب في أربعة آلاف من قراء أهل الشام قد بايعوا على الموت وهي ميمنة أهل الشام وعليها ذو الكلاع فحملوا على ربيعة وهي ميسرة أهل العراق وعليها عبد الله بن العباس حملة شديدة فتضعضعت رايات ربيعة وانصرف أهل الشام فلم يلبثوا الا قليلا حتى كروا وعبيد الله بن عمر يقول يا أهل الشام هذا الحي من أهل العراق قتلة ابن عفان وأنصار علي وإن هزمتم هذه القبيلة أدركتم ثاركم في عثمان وهلك علي وأهل العراق فشدوا على الناس شدة شديدة فثبتت لهم ربيعة وصبروا صبرا حسنا الا قليلا من الضعفاء وثبت أهل الرايات وأهل البصائر منهم والحفاظ وقاتلوا قتالا شديدا.
ما فعله خالد بن المعمر فلما رأى خالد بن المعمر أناسا قد انهزموا من قومه انصرف فلما رأى أصحاب الرايات قد ثبتوا ورأى قومه قد صبروا رجع وصاح بمن انهزم وأمرهم بالرجوع فقال من أراد ان يتهمه أراد الانصراف فلما رآنا قد ثبتنا رجع إلينا وقال لهم لما رأيت رجالا منا قد انهزموا رأيت أن استقبلهم واردهم إليكم فأقبلت إليكم بمن أطاعني منهم فجاء بأمر مشتبه. قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: لا ريب عند علماء السير ان خالد بن المعمر كان له باطن سوء مع معاوية وانه انهزم هذا اليوم ليكسر الميسرة على علي ع ذكر ذلك الكلبي والواقدي وغيرهما ويدل على باطنه هذا انه لما استظهرت ربيعة على صفوف أهل الشام اليوم الثاني من هذا اليوم ارسل إليه معاوية ان كف عني ولك امارة خراسان ما بقيت فكف عنه ورجع بربيعة وقد شارفوا اخذه من مضربه اه واشتد قتال ربيعة وحمير ونادى منادي أهل الشام ألا ان معنا الطيب بن الطيب عبد الله بن عمر فقال عمار بن ياسر بل هو الخبيث ونادى منادي أهل العراق الا ان معنا الطيب ابن الطيب محمد بن أبي بكر فادى منادي أهل الشام بل هو الخبيث بن الطيب. وخرج نحو من خمسمائة فارس أو أكثر من أصحاب علي على رؤوسهم البيض وهم غائصون في الحديد لا يرى منهم إلا الحدق وخرج إليهم من أهل الشام نحوهم في العدد فاقتتلوا بين الصفين والناس تحت راياتهم فلم يرجع من هؤلاء ولا من هؤلاء مخبر لا عراقي ولا شامي قتلوا جميعا بين الصفين وقد كان معاوية نذر سبي نساء ربيعة وقتل المقاتلة فقال في ذلك خالد بن المعمر:
- تمنى ابن حرب نذره في نسائنا * ودون الذي ينوي قراع القواضب - - وتمنح ملكا أنت حاولت خلعه * بني هاشم قول امرئ غير كاذب - فلما كان يوم الخميس التاسع من صفر سنة 37 خطب الناس معاوية وحرضهم ثم خطبهم مرة أخرى قبل الوقعة العظمى فقال في آخر كلامه انظروا يا أهل الشام فإنما تلقون غدا أهل العراق فكونوا على إحدى ثلاث أحوال اما ان تكونوا قوما طلبتم ما عند الله في قتال قوم بغوا عليكم فاقبلوا من بلادهم حتى نزلوا في بيضتكم واما ان تكونوا قوما تطلبون بدم خليفتكم وصهر نبيكم ص واما ان تكونوا قوما تذبون عن نسائكم وأبنائكم.
مقتل ذي الكلاع الحميري واتى زياد بن خصفة عبد القيس يوم صفين وقد عبيت قبائل حمير مع ذي الكلاع وفيهم عبيد الله بن عمر لبكر بن وائل فقاتلوا قتالا شديدا حتى خافوا الهلاك فقال زياد لعبد القيس لا بكر بعد اليوم ان ذا الكلاع وعبيد الله أبادا ربيعة فانهضوا لهم وإلا هلكوا فركبت عبد القيس وجاءت كأنها غمامة سوداء فشدت ازاء الميسرة فعظم القتال وشدت عك ولخم وجذام والأشعرون من أهل الشام على مذحج وبكر بن وائل فقال العكي في ذلك:
- ويل لأم مذحج من عك * لنتركن أمهم تبكي - - نقتلهم بالطعن ثم الصك * فلا رجال كرجال عك - فحميت مذحج من قول العكي ونادى مناديهم يا آل مذحج خدموا فاعترضت مذحج لسوق القوم فكان بوار عامة القوم وخاضت الخيل والرجال في الدماء ونادى أبو شجاع الحميري وكان من ذوي البصائر مع