المؤمنين قتل الشطر الآخر وحده بمعونة الله له وتأييده وتوفيقه ونصره وكان الفتح له بذلك وعلى يديه اه.
وما كان منه في وقعة أحد التي مرت مفصلة في غزوات النبي ص في الجزء الثاني ويأتي ما يتعلق منها بأمير المؤمنين ع في هذا الجزء فقد كان قطب رحاها وليث وغاها وعليه مدارها وهو واحدها وقائدها كما كان كذلك يوم بدر والمتأمل فيما ذكره أهل السير والتواريخ لا يشك في ذلك مهما دس الدساسون ومهما أرادوا ان يجعلوا له مشاركا في بعض مزاياه التي امتاز بها في تلك الوقعة وغيرها لكن المطالع للاخبار يعرف بأقل نظرة صحة ما قلناه فقد امتاز في تلك الوقعة كغيرها مع الوقائع بأمور كثيرة مرت في الجزء الثاني وتأتي في هذا الجزء عند ذكر اخباره في وقعة أحد. وقتله عزورا اليهودي لما رمى قبة النبي ص ليلا وهو يحاصر بني النضير فلحقه علي حتى قتله وجاء برأسه وكان معه تسعة فهربوا فلحقهم بعشرة من المسلمين فقتلوهم وكان ذلك سبب فتح حصون بني النضير. ومبارزته يوم الخندق عمرو بن عبد ود فارس يليل وقد جبن عنه الناس والنبي ص يندبهم لمبارزته ويضمن لمبارزه الجنة فسكتوا كأنما على رؤوسهم الطير الا علي بن أبي طالب فبارزه وقتله ولحق بعض من كان معه وهو نوفل بن عبد الله فقتله في الخندق وانهزم بقتله المشركون وكفى الله المؤمنين القتال به وكانت ضربته في ذلك اليوم تعدل عمل الثقلين إلى يوم القيامة. قال المفيد: وفي الأحزاب انزل الله تعالى إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا إلى قوله وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا قال فتوجه العتب إليهم والتوبيخ والتقريع ولم ينج من ذلك أحد بالاتفاق الا أمير المؤمنين إذ كان الفتح له وعلى يديه وكان قتله عمرا ونوفل بن عبد الله سبب هزيمة المشركين وقال رسول الله ص بعد قتله هؤلاء النفر: الآن نغزوهم ولا يغزوننا وقد روى يوسف بن كليب عن سفيان بن زيد عن قرة وغيره من عبد الله بن مسعود انه كان يقرأ وكفى الله المؤمنين القتال بعلي ومر ذلك مفصلا في الجزء الثاني ويأتي في هذا الجزء.
ومبارزته مرحبا يوم خيبر وقتله وفتح الحصن ودحو الباب بعد ما رجع غيره منهزما يجبن أصحابه ويجنبونه أو منهزما يؤنب قومه ويؤنبونه. ويأتي ذلك مفصلا في هذا الجزء ومر في الجزء الثاني.
وثباته يوم حنين مع رسول الله ص وقد هرب عنه الناس غير عشرة تسعة من بني هاشم والعاشر أيمن بن أم أيمن وقتله أبا جرول وأربعين من المشركين غيره وانهزام المشركين بقتله وقتلهم ورجوع المسلمين من هزيمتهم بثباته ومن معه الذين كان ثباتهم بثباته قال المفيد وذلك انا أحطنا علما بتقدمه في الشجاعة والباس والصبر والنجدة على العباس والفضل ابنه وأبي صفيان بن الحارث والنفر الباقين لظهور امره في المقامات التي لم يحضرها أحد منهم واشتهار خبره في منازلة الاقران وقتل الابطال ولم يعرف لأحد من هؤلاء مقام من مقاماته ولا قتيل عزي إليهم بالذكر فعلم بذلك ان ثبوتهم كان به وان بمقامه ذلك وصبره مع النبي ص كان رجوع المسلمين إلى الحرب وتشجعهم في لقاء العدو اه.
وما كان منه في غزوة أوطاس والطائف فكان الفتح فيها على يده وقتل فيها من قتل من خثعم.
إلى غير ذلك من غزواته ووقائعه في زمن النبي ص.
اما وقائعه بعد وفاة رسول الله ص بعد ما بويع بالخلافة أيام الجمل وصفين والنهروان فاشتهار شجاعته العظيمة فيها قد زاد عن حد الضرورة.
ففي يوم الجمل ثبت الفريقان واشرعوا الرماح بعضهم في صدور بعض كأنها آجام القصب ولو شاءت الرجال ان تمشي عليها لمشت وكان يسمع لوقع السيوف أصوات كأصوات القصارين ولما اشتد القتال وقامت الحرب على ساقها زحف ع نحو الجمل بنفسه في كتيبته الخضراء من المهاجرين والأنصار وحوله بنوه ثم حمل فغاص في عسكر الجمل حتى طحن العسكر ثم رجع وقد انحنى سيفه فاقامه بركبته فقال له أصحابه وبنوه نحن نكفيك فلم يجب أحدا منهم ولا رد إليهم بصره وظل ينحط ويزأر زئير الأسد ثم حمل حملة ثانية وحده فدخل وسطهم يضربهم بالسيف قدما قدما والرجال تفر من بين يديه وتنحاز عنه يمنة ويسرة حتى خضب الأرض بدماء القتلى ثم رجع وقد انحنى سيفه فاقامه بركبته فاجتمع عليه أصحابه وناشدوه الله في نفسه وفي الاسلام فقال والله ما أريد بما ترون الا وجه الله والدار الآخرة ثم قال لمحمد هكذا تصنع يا ابن الحنفية فقال الناس من الذي يستطيع ما تستطيعه يا أمير المؤمنين. ومن مواقفه في صفين ما كان يوم الهرير قال بعض الرواة فوالله الذي بعث محمدا بالحق نبيا ما سمعناه برئيس قوم منذ خلق الله السماوات والأرض أصاب بيده في يوم واحد ما أصاب علي انه قتل فيما ذكر العادون زيادة على خمسمائة من الاعلام يخرج بسيفه منحنيا فيقول معذرة إلى الله واليكم من هذا لقد هممت ان أفلقه ولكن يحجزني عنه إني سمعت رسول الله يقول:
- لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فتى إلا علي - وانا أقاتل به دونه فكنا نأخذه فنقومه ثم يتناوله من أيدينا فيقتحم به في عرض الصف فلا والله ما ليث باشد نكاية منه في عدوه وكان في أوائل أيام صفين يسهر الليل كله إلى الصباح يعبي الكتائب ويؤمر الامراء ويعقد الألوية ومر في اليوم السابع ومعه بنوه نحو الميسرة والنبل يمر بين عاتقيه ومنكبيه وما من بنيه إلا من يقيه بنفسه فيكره ذلك ويتقدم نحو أهل الشام ويؤخر الذي يقيه إلى ورائه. وهو الذي لبس يوم صفين سلاح العباس ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب لما برز إليه اللخميان فبرز إليه أحدهما فكانما اختطفه ثم برز إليه الآخر فالحقه بالأول وهو الذي قتل الحميري الذي لم يكن في الشام أشهر منه بالباس والنجدة بعد ان قتل ثلاثة من أهل العراق مبارزة ورمى أجسادهم بعضها فوق بعض ووقف عليها بغيا وعتوا فضربه أمير المؤمنين ع ضربة خر منها قتيلا يتشحط في دمه وقتل معه اثنين وتلا الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا ان الله مع المتقين.
التاسع القوة والأيد وحسبك في ذلك قلعه باب خيبر وجعله جسرا على الخندق وكان يغلقه عشرون رجلا وتترسه يومئذ بباب لم يستطع قلبه ثمانية نفر قال المفيد: روى أصحاب الآثار عن الحسن بن صالح عن الأعمش عن أبي عبد الله الجدلي قال سمعت أمير المؤمنين ع يقول لما عالجت باب خيبر جعلته مجنا لي فقاتلتهم به فلما أخزاهم الله وضعت الباب على حصنهم طريقا ثم رميت به في خندقهم فقال له رجل لقد حملت منه ثقلا فقال ما كان الا مثل جنتي التي في يدي غير ذلك المقام