في المهاجرين والأنصار، فقال: يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما، فقلت ويحك انها النبوة فقال نعم، فقلت الحق الآن بقومك فحذرهم فخرج سريعا حتى أتى مكة فصرخ في المسجد يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به قالوا فمه قال من دخل داري فهو آمن قالوا وما تغني عنا دارك قال ومن دخل المسجد فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، فقامت إليه زوجته هند بنت عتبة أم معاوية فأخذت بلحيته ونادت يا آل غالب اقتلوا هذا الشيخ الأحمق هلا قاتلتم ودفعتم عن أنفسكم وبلادكم فقال لها ويحك اسلمي وادخلي بيتك وقال لا تغرنكم هذه من أنفسكم فقد جاءكم ما لا قبل لكم به. وكان ممن لقيه ص في الطريق ابن عمه واخوه من الرضاعة أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب اسمه كنيته وقيل اسمه المغيرة، وابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب عبد الله بن أبي أمية المخزومي أخو أم سلمة لأبيها فاستاذنا عليه فاعرض عنهما فقالت أم سلمة يا رسول الله ابن عمك وابن عمتك وصهرك، فقال لا حاجة لي بهما اما ابن عمي فهتك عرضي وكان يهجو رسول الله ص، واما ابن عمتي وصهري فهو الذي قال لي بمكة ما قال يعني قوله له: والله لا آمنت بك حتى تتخذ سلما إلى السماء فتعرج فيه وأنا أنظر ثم تأتي بصك وأربعة من الملائكة يشهدون أن الله أرسلك، فقالت له أم سلمة: لا يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك، فقال أبو سفيان والله ليأذنن لي أو لآخذن بيد ابني هذا ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشا وجوعا، فرق لهما النبي ص فدخلا عليه وأسلما، وقال علي ع لأبي سفيان أئت من قبل وجهه فقل له ما قال اخوه يوسف: تالله لقد آثرك الله علينا، فقال له: ص لا تثريب عليكم اليوم الآية وقال أبو سفيان معتذرا مما كان منه من أبيات:
- لعمرك إني يوم احمل راية * لتغلب خيل اللات خيل محمد - - لكالمدلج الحيران أظلم ليله * فهذا أواني حين أهدي واهتدي. - وامر رسول الله ص الزبير أن يدخل مكة من أعلاها فيغرز رايته بالحجون وامر خالد بن الوليد أن يدخل من أسفل مكة ونهى عن القتال الا لمن قاتلهم ودخل هو ص من أعلى مكة وكانت الراية مع سعد بن عبادة قال المفيد: لما أمر رسول الله ص سعد بن عبادة بدخول مكة بالراية غلظ على القوم وأظهر ما في نفسه من الحنق عليهم ودخل وهو يقول:
- اليوم يوم الملحمة * اليوم تسبى الحرمة - فسمعها العباس فقال للنبي ص أ ما تسمع يا رسول الله ما يقول سعد واني لا آمن أن يكون له في قريش صولة فقال النبي ص لعلي أدرك سعدا فخذ الراية منه وكن أنت الذي تدخل بها مكة فأدركه علي ع فاخذها منه ولم يمتنع سعد من دفعها إليه وذكر الطبري أن سعدا قال حين وجه داخلا إلى مكة:
- اليوم يوم الملحمة * اليوم تستحل الحرمة - فسمعها رجل من المهاجرين فقال يا رسول الله اسمع ما قال سعد بن عبادة وما نأمن أن تكون له في قريش صولة فقال رسول الله ص لعلي بن أبي طالب أدركه فخذ الراية فكن أنت الذي تدخل بها. والدكتور هيكل على عادته لم يذكر دفع الراية إلى علي أصلا.
وكان صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو قد جمعوا ناسا بالخندمة وهو جبل بمكة ليقاتلوا وكان حماس بن قيس من بني بكر يعد سلاحا قبل أن يدخل رسول الله ص مكة ويصلح منها فقالت له امرأته لما ذا تعد ما ارى؟ قال لمحمد وأصحابه، قالت والله ما أراه يقوم لمحمد وأصحابه شئ، قال والله إني لأرجو أن أخدمك بعضهم، فاقبل خالد بن الوليد من ناحية الخندمة فمنعوه من الدخول وناوشوه القتال وقاتلهم فانهزموا وكان حماس معهم فخرج منهزما حتى دخل بيته ثم قال لامرأته أغلقي علي بأبي قالت فأين ما كنت تقول أين الخادم؟ فقال:
- انك لو شهدت يوم الخندمة * إذ فر صفوان وفر عكرمة - - وبو يزيد قائم كالمؤتمة * واستقبلتنا بالسيوف المسلمة - - يقطعن كل ساعد وجمجمة * ضربا فلا تسمع الا غمغمة - - لهم نهيت خلفنا وهمهمه * لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه - ودخل رسول الله ص مكة من ناحية كداء على ناقته القصواء بكرة يوم الجمعة واضعا رأسه الشريف على الرحل تواضعا لله تعالى ثم قال اللهم أن العيش عيش الآخرة، فقيل له يا رسول الله ألا تنزل دارك؟ فقال وهل أبقى عقيل لنا دارا، ثم ضربت له قبة في الأبطح فنزل فيها ومعه زوجتاه أم سلمة وميمونة وامر بقتل جماعة ولو كانوا تحت أستار الكعبة، قيل ستة رجال وأربع نساء وقيل أحد عشر رجلا، فمن الرجال عبد الله بن أبي سرح كان قد أسلم فارتد مشركا ففر إلى عثمان وكان أخاه من الرضاعة فغيبه ثم أتى به رسول الله ص فاستامن له فصمت ص طويلا ثم قال نعم، فلما انصرف به قال ص لقد صمت ليقوم إليه بعضكم فيقتله، فقال أنصاري هلا أومات إلى قال إن النبي لا يقتل بالإشارة. وعبد الله بن خطل كان قد أسلم فبعثه رسول الله ص مصدقا وكان معه مولى مسلم يخدمه فامر المولى أن يذبح له تيسا ويصنع له طعاما فاستيقظ ولم يصنع له شيئا فعدا عليه فقتله وارتد مشركا وكان شاعرا يهجو رسول الله ص قتله سعيد بن حريث المخزومي وأبو برزة الأسلمي اشتركا في دمه.
والحويرث بن نقيد كان يؤذيه بمكة قتله علي بن أبي طالب. ومقيس بن صبابة كان له أخ يسمى هشام قتله رجل من الأنصار خطا في غزوة ذي قرد وهو يظنه من العدو فأعطاه النبي ص ديته ثم عدا على قاتل أخيه فقتله ورجع إلى قريش مرتدا قتله نميلة بن عبد الله رجل من قومه. وعكرمة بن أبي جهل فهرب إلى اليمن وأسلمت امرأته أم حكيم بنت عمه الحارث بن هشام فاستأمنت له رسول الله ص فامنه فخرجت في طلبه حتى أتت به رسول الله ص فأسلم. ووحشي قاتل حمزة استؤمن له فامنه وقال لا تريني وجهك فمات بحمص وكان لا يزال سكران. وكعب بن زهير بن أبي سلمى كان يهجو رسول الله ص هرب فاستؤمن له فامنه فمدحه ببانت سعاد القصيدة المشهورة. وهبار بن الأسود الذي روع زينب بنت رسول الله ص. والحارث بن هشام أخو أبي جهل لأبويه. وزهير بن أمية.
وصفوان بن أمية وهؤلاء أسلموا فعفا عنهم ومن النساء هند بنت عتبة أسلمت وبايعت وقينتان لعبد الله بن خطل فرتنا وقريبة كانتا تغنيان بهجاء رسول الله ص الذي يصنعه لهما فقتلت قريبة وهربت فرتنا فاستؤمن لها رسول الله ص فامنها فعاشت إلى خلافة عثمان. وسارة مولاة عمرو بن هاشم بن عبد المطلب قتلت يومئذ وقيل استؤمن لها رسول الله ص فأوطأها رجل فرسه في خلافة عمر بالأبطح فقتلها. واقبل ص إلى الكعبة فاستلم الحجر الأسود وطاف بالبيت على راحلته، وعلى الكعبة وفي رواية حولها ثلثمائة وستون صنما لكل حي من احياء العرب صنم فجعل كلما يمر بصنم