عن يمينه لم تقبل منه إجماعا إن لم يقمها المدعي (1). انتهى.
وثالثا: إن الإمام في هذه الأخبار ليس في مقام بيان التكليف حتى يفيد الوجوب أو الجواز، وإنما هو في مقام التوقيف وبيان الحكم الوضعي، وهو المتبادر من هذا الكلام في ذلك المقام، فالمعنى: أن حكم الله (الموقف الذي وضعه) (2) هو إتيان المدعي بالبينة والمدعى عليه بالحلف، والتفصيل قاطع للشركة في التوقيف والوضع، فلا يترتب أثر على بينة المدعى عليه إلا بدليل آخر.
ورابعا: إن ما ذكره - من قول جماعة بسماع بينة المدعى عليه في موارد - فمع كون أكثرها من الأقوال النادرة الشاذة لو سلم غير مفيد، إذ نحن نقول بكون ذلك من باب القاعدة ويقبل التخصيص، كما خص جانب المدعي بثبوت اليمين عليه مع الرد، ومع الشاهد الواحد، ومع كون الدعوى على الميت، وفي الدماء، وغير ذلك، فلا يصير ذلك دليلا على صرف اللفظ عن ظاهره، ولا موجبا لإثبات أثر بينة المنكر، الذي هو خلاف الأصل في غير تلك الموارد.
وخامسا: إن استدلاله بسماع بينة المنكر بالعمومين اللذين ذكرهما باطل جدا، إذ لا عموم في الحديث الأول أصلا، فإن المعنى: أن الحكم يتحقق بأحد هذه الأمور، أما أن مواردها أين هي فلا يعلم من الخبر، ولذا لا يحكم في المدعى باليمين، وليست السنة ماضية في جميع الموارد.
وأما الثاني، فلو كان عاما لاقتضى الجمع بين البينة واليمين في جميع الموارد، لا قبول البينة فقط، بل لا دلالة على قبولها في مورد أصلا،