المسألة الخامسة: كل ما ذكر إنما كان في تعارض البينات في الأعيان من الأموال، وقد يتحقق في الديون، كما إذا كانت دعوى الدين مقرونة بسبب خاص يقيم المنكر البينة على انتفاء السبب.
وكما إذا ادعى أحد على آخر جناية فيها الدية خاصة في وقت خاص، وأقام بينته، وأقامها الآخر على أنه لم يكن حاضرا في هذا الوقت.
أو ادعى أحد بالشهود وصية زيد له بثلث ماله، وادعاها آخر أيضا كذلك.
وقد يتحقق في غير الأموال من الحقوق أيضا، كما إذا أقام أحد شهودا على زوجية زينب له، وأقامها الآخر كذلك.
أو أقام أحدهما على وصية زيد له بالولاية على الصغير، وأقام آخر أيضا كذلك.. إلى غير ذلك.
والتحقيق في الجميع: أن يبنى على أصالة عدم قبول بينة المنكر، وعلى تعيين القرعة لكل أمر مشكل.
وعلى هذا، فنقول: إن جميع الأخبار المتضمنة لسماع بينة المنكر أيضا ومزاحمتها لبينة المدعي كانت مخصوصة بالأعيان من الأموال، فلا أثر لها في غيرها أصلا، وكل ما دل على سماع بينة المدعي وقبولها فمخصوص بحكم العقل بما لا يعارضه مثلها..
فمورد التعارض الواقع في غير الأعيان إن كان مما يكون أحدهما مدعيا والآخر منكرا تطرح بينة المنكر ويعمل بمقتضى بينة المدعي.
وإن كان مما يكون كلاهما مدعيين ولا دليل للحكم في خصوص المسألة، يقرع ويحكم بمقتضى القرعة، لعموم: " القرعة لكل أمر مجهول "