وكفى بجلالة قدره تولية النبي (صلى الله عليه وآله) إياه بنفسه الشريفة الزكية لأمته، ثم تفويضه إلى سيد الأوصياء بعده، ثم إلى أوصيائه القائمين مقامه، وخصصهم بذلك دون سائر الناس، وكذلك من قبله من الأنبياء وخلفائهم.
ولعظم شأنه جعل الله يده فوق رأسه، وأهبط إليه الملك يسدده. قال أبو عبد الله (عليه السلام) في خبر السكوني: " يد الله فوق رأس الحاكم ترفرف بالرحمة، فإذا حاف وكله الله تعالى إلى نفسه " (1).
وفي خبر آخر: " إذا جلس القاضي أو أجلس في مجلسه هبط إليه ملكان يسددانه ويرشدانه ويوفقانه، فإذا جار عرجا وتركاه " (2).
المسألة الثانية: خطر القضاء عظيم، وأجره جسيم، فإن القاضي لفي شفا جرف هار، فإن جار في الحكم أو حكم بغير علم أنهار به في نار جهنم، وإن عدل وحكم بما أنزل الله عالما به متبعا لسنته فقد فاز فوزا عظيما، ونال نيلا جسيما.
ولذا قال النبي (صلى الله عليه وآله): " من جعل قاضيا ذبح بغير سكين " (3).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في رواية إسحاق بن عمار: " يا شريح، قد جلست مجلسا لا يجلسه إلا نبي أو وصي نبي أو شقي " (4).
وقال أبو عبد الله (عليه السلام) - كما في مرفوعة البرقي -: " القضاة أربعة، ثلاثة في النار وواحد في الجنة: رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار، ورجل