البحث الثاني في الإنكار اعلم أنه إذا أنكر المدعى عليه ما ادعي عليه فلا يخلو إما أن يكون الحاكم عالما بالحال أو لا، وعلى الثاني فإما تكون للمدعي بينة أم لا، فها هنا مقامان:
المقام الأول فيما إذا كان الحاكم عالما وقد عرفت أن الحق أنه يقضي حينئذ بعلمه مطلقا، ولكن بقيت هنا مسائل ينبغي التنبيه عليها:
المسألة الأولى: لو كان الحاكم حكم في الواقعة بحكم سابقا - بعلمه أو بغيره من الإقرار أو البينة أو اليمين - وتذكره، يقضي بمقتضاه، سواء تذكر مستند الحكم السابق أم لا، لأن حكمه أيضا حجة تامة ومستند شرعي، فهو عالم بحكم الواقعة، فيشمله مثل قولهم (عليهم السلام): " رجل يقضي بالحق وهو يعلم " (1) وسائر عمومات الحكم.
وإن لم يتذكر الحكم، فإن شهد عدلان بحكمه به فالأصح لزوم القضاء به، وفاقا لوالدي العلامة (رحمه الله) لعموم قبول شهادة العدلين كما يأتي.