أحدهما لآداب القاضي، والثاني لوظائف الحكم - إلى ذلك أيضا، وإن أدخل بعضهم بعضا من كل منهما في الآخر، ونحن أيضا نذكرهما في عنوانين وإن دخل بعض من الثاني في الأول، لأن الأمر فيه سهل.
فلنذكر ها هنا ما يتعلق بالأول، ونذكر الباقي في بحث وظائف الحكم، ونورد ما يتعلق بالأول في طي مسائل:
المسألة الأولى: ينبغي له أن يستحضر حكمه أهل العلم، ويشاورهم، ويناظرهم، لا لتقليدهم، بل لينبهوه على الخطأ إن وقع منه سهوا وغفلة، ويستوضح منهم ما عسى أن يشكل عليه.
ومنه يظهر أنه لا ينحصر من ينبغي إحضاره بالمجتهدين، إذ يجوز لغير المجتهد تنبيه المجتهد إذا نسي أو غفل، فإنه قد يعرف المفضول ما لا يعرفه الفاضل، ويتنبه التلميذ لما لا يتنبه له الأستاذ.. فما في المسالك - من أن المراد من أهل العلم المجتهد - ليس بجيد.
وأن يجمع ما يتعلق بكل يوم وأسبوع وشهر وسنة من القضايا ووثائقها وحججها، ويكتب عليها تأريخها وأسامي أهلها، فإن اجتمع كل شهر كتب عليه شهر كذا، أو سنة فسنة كذا، أو يوم فيوم كذا، ليكون أسهل عليه وعلى من بعده من الحكام في استخراج المطلوب منها وقت الحاجة.
المسألة الثانية: ينبغي له أن يتخذ كاتبا، لمسيس الحاجة، وعمل النبي (صلى الله عليه وآله) وخلفائه.
ويشترط كونه: بالغا، عاقلا، مسلما، عدلا، بصيرا، ليؤمن من خيانته وانخداعه.