وبما ذكرنا - من الاكتفاء بشاهد الحال - يصح سماع دعوى الأمين الذي بيده ماله الغير ولا يمكنه إثبات وكالته في الدعوى، ومع إيجاب تأخيرها ضياع حق مالكه، مع أن في مثله حقا للأمين أيضا، وهو أنه لولا الادعاء للزم التفريط المستلزم للضمان، بل له حق الأخذ منه.
وكذا يصح سماع دعوى مثل الجار الذي ادعى لجاره الغير الحاضر على شخص بأنه سرق مال جاره ويريد الفرار.
ودعوى رد صديقه الغائب الدين الذي يدعيه الدائن عند الحاكم ليأخذ من ماله.
أو إيفاء الميت - الذي له صغار - دينا يدعيه عليه غيره، ويعلمه شخص آخر، ويعلم شهوده عليه.
هذا إذا كانت الدعوى بشاهد الحال بقصد كونه من جانب المالك، وإلا فقد يدخل في باب الشهادة.
المسألة الثالثة: يشترط في سماع الدعوى صحتها وإمكان ما يدعيه - فلا عبرة بدعوى محال عقلا أو عادة أو شرعا - ولزومه، فلو ادعى هبة أو وقفا لم تسمع إلا مع دعوى الإقباض، وكذا الرهن عند مشترط الإقباض فيه، فإن الإنكار فيما لا يلزم رجوع، ولأنه مع الإثبات لا يجوز الإجبار على التسليم، كذا ذكروا.
وفيه نظر، لأن أصل الملك شئ، ولزومه أمر آخر، ولكل منهما فوائد، فيمكن دعوى أحدهما بدون الآخر، وإذا ثبت أحدهما يبقى الآخر، فإن سلم المدعى عليه ذلك، وإلا لا بد من إثبات ذلك الأمر إن أراد اللزوم، فيمكن أن يثبت أو يحلف كما في سائر الدعاوى، ولولاه لزم عدم دعوى شراء حيوان إلا مع ضم مضي زمان سقوط خيار الثلاثة وتفرق المجالس.