وأما رواية منصور (1) فيمكن أن يكون وجه التعليل فيها: أن الله حكم بإعمال بينة المدعي وإحقاق حقه بمجرد البينة وإن ثبتت للمدعى عليه أيضا بينة، إلا أنه لا يمكن ثبوت حق المدعى عليه بالبينة إذا لم تكن للمدعي بينة (2).
أقول أولا: إن ما ذكره - من أن غاية ما يفيده، إلى آخره - فيه: أنه لو سلمنا أن معنى قولهم: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، ما ذكره من التفصيل بين الواجبين دون الجائزين معينا أو احتمالا، فمع منعه - كما يأتي - يرد عليه: أنه يمكن للمستدل أن يقول: إنه على التقديرين يثبت ترتب الأثر على بينة المدعي، وأما تأثير بينة المنكر فيكون احتماليا، بل يكون مسكوتا عنه على ذلك الاحتمال أيضا، والأصل عدمه.. وما ذكره دليلا لتأثيره غير ناهض كما يأتي، فيمكن تتميم الاستدلال أيضا.
وثانيا: إنه على ما ذكره يجوز للمنكر الحلف وتجوز إقامة البينة، وقد مر في بحث كيفية الحكم جواز ترك المدعي لبينته الغائبة أو الحاضرة، والاكتفاء بإحلاف الخصم، وقد عرفت نفيهم الخلاف فيه.
وإذا جاز للمدعي ترك بينته وللمنكر رفع الحلف بالبينة، فأين الوجوب الثابت لهما من هذه الأخبار؟!
هذا، مع أن سماع بينة المنكر دفعا لليمين في غير مقام التعارض ممنوع، كيف؟! وقال بعض مشايخنا المعاصرين: إن وظيفة ذي اليد اليمين دون البينة، فوجودها في حقه كعدمه بلا شبهة، ولذا لو أقامها بدلا