علي المتقدمة، فيرجع إلى عمومات وجوب الدم، مع أنه لو تمت دلالة تلك الصحاح لما اختصت بمن اشتغل في مكة بالعبادة، كما مرت إليه الإشارة.
وهل الساقط - بالمبيت بمكة مشتغلا بالطاعة - هو الدم خاصة وإن كان آثما؟
أو يسقط الإثم أيضا، فيجوز له ذلك أيضا، ويكون أحد فردي الواجب المخير؟
المذكور في كلام الأكثر: سقوط الدم، وصرح في المدارك بجواز البيتوتة بمكة كذلك (1). وهو كذلك، للأخبار المذكورة، ولا يبعد أن يكون ذلك مراد الأكثر أيضا، فتأمل.
المسألة الثالثة: قد ظهر مما ذكرنا في المسألة السابقة أن وجوب البيات بمنى إنما هو لغير من بات بمكة مشتغلا بالطاعة، بمعنى التخيير بينهما وإن كان البيات بمنى أفضل وأولى، لصحيحة صفوان السالفة.
وهل الاشتغال بشغل آخر غير الطاعة في مكة أو غيرها أيضا كذلك، كما تدل عليه صحيحة سعيد المتقدمة؟
أم لا، كما هو ظاهر الأصحاب كافة؟
الظاهر: الثاني، لضعف الرواية بالشذوذ، مع أن حمل الفوات على النسيان ونفي البأس على العذاب - الذي هو منفي عن الناسي قطعا - ممكن، ويمكن حمل الشغل على ما يضطره، كما يأتي.
وكذا يظهر من الصحاح الخمس - لجميل وهشام وابن عمار الأولى