أولا: بما تقدم من استحالة تعلق الحرمة بالخروج في فرض عدم الدخول فلا حرمة سابقة في البين.
وثانيا: بأنه لو فرض إمكان تعلقها بالخروج قبل الدخول وعدم استحالته فهي غير ثابتة لما سيأتي في دفع الوجه الثاني.
الثاني: أن الخروج وإن كان مما يتوقف عليه الواجب لكن بما أنه مبغوض في نفسه وكان الوقوع فيه ناشئا عن الاختيار لم ترتفع مبغوضيته وإن كان مما لابد منه عقلا فرارا من أشد القبيحين، فهو نظير ما لو اضطر لشرب الخمر بسوء اختياره، فإنه يعاقب على ذلك، وإن لم يكن محرما عليه فعلا لاضطراره إليه.
وفيه: ان الخروج المضطر إليه وان كان مبغوضا في نفسه للجزم بعدم اختلافه عن سائر افراد الغصب، إلا أنه حيث تتزاحم المبغوضيتان وهما مبغوضية الخروج ومبغوضية الغصب الزائد، فالمولى يحكم بتقديم مبغوضية الغصب الزائد وترتفع مبغوضية الخروج، والمراد بالمبغوضية المرتفعة المبغوضية التي تكون مورد الأثر من مبعدية وعقاب ولوم وعتاب - وهي محل الكلام - لا المبغوضية الطبيعة فإنها موجودة في جميع موارد التزاحم، وهذا أمر وجداني لا يختلف فيه اثنان فان من يرى نفسه مضطرا إلى قطع يده لحفظ حياته يكره قطع يده لكن لا يعاقب من يباشر القطع. ولا يختلف في ذلك ما إذا كان الاضطرار قهريا أو كان اختياريا.
نعم، في صورة الاضطرار الاختياري تتعلق المبغوضية العملية بتحريج المولى وجعله مضطرا إلى ما هو مبغوض لديه ذاتا. فان من فعل فعلا استلزم توقف حياة الغير على قطع يده فإنه لا يتوقف المضطر في قطع يده ويأمر الطبيب بذلك لكنه يعاقبه أو يلومه على تحريجه وجعله مضطرا إلى ذلك لا على نفس قطع يده.