وبالجملة: الوجدان يشهد على ارتفاع المبغوضية العملية بالمزاحمة وإن بقت المبغوضية الطبعية سواء كان التزاحم بالاختيار أم بدونه.
ومن هنا يظهر انه لو فرض معقولية تعلق التحريم السابق بالخروج، فهو غير ثابت لارتفاع ملاك التحريم بالمزاحمة دائما، وعدم كون الخروج مبغوضا في ظرف تحققه.
وأما ما ذكره صاحب الكفاية من المحذور العقلي لو ارتفعت مبغوضية الخروج، فهو لا يستلزم ثبوت التحريم واستمرار أثره، بل يستلزم عدم ثبوته.
وذلك لان مقتضى المحذور العقلي هو الملازمة بين ثبوت الحرمة السابقة واستمرار أثرها، إذ بدون الاستمرار يلزم المحذور المذكور. وبما أن عدم استمرار أثر التحريم من الأمور الوجدانية، إذ عرفت أن ارتفاع المبغوضية للمزاحمة أمر وجداني فلا محيص عن الالتزام بعدم تعلق الحرمة السابقة بالخروج وإلا لزم المحذور العقلي.
ولعل ما ذكره صاحب الكفاية يبتني على الرأي القائل بتقديم الأسبق زمانا في باب التزاحم والمفروض ان حرمة الخروج أسبق زمانا من حرمة الغصب الزائد. ولكن عرفت أنه غير مرجح.
والمتحصل: ان رأي الشيخ القائل بعدم مبغوضية الخروج لا سابقا ولا لاحقا متين وبتعين الالتزام به.
وأما كونه مأمورا به فيمكن ان يوجه بوجوه ثلاثة:
الأول: كونه واجبا بالوجوب المقدمي، لكونه مقدمة للتخلص عن الحرام.
الثاني: انه واجب بالوجوب النفسي المتعلق برد المال إلى صاحبه لأنه من مصاديق الرد.
الثالث: انه بنفسه تخلص عن الحرام، فيكون واجبا نفسيا.
وجميع هذه الوجوه غير صحيحة: