حقيقتها، القابلة للانطباق على كل فرد محتمل، فهي من حيث الصدق تتلاءم مع الترديد، وهي ثابتة في الخارج وتكون نسبتها إلى الافراد نسبة الطبيعي إلى فرده، ومن هنا لم تكن من المفاهيم المرددة، إذ لا وجود لهذه في الخارج كما عرفت، كما لم تكن من المفاهيم المبينة المعينة لابهامها، ويمكن الاستشهاد لوجود هذا النوع من المفاهيم بما ينتزع عن رؤيا الشبح من بعيد من صورة اجمالية مبهمة غير معينة قابلة للانطباق على كل فرد يحتمل ان يكونه الشبح فان هذه الصورة ليست من المفاهيم المعينة كما لا يخفى، كما انها ليست بالمفهوم المردد لثبوتها وجدانا وانطباقها على الخارج ضرورة وبلا كلام. فهي صورة مبهمة اجمالية. ثم إنه لا يخفى ان دائرة الصدق تختلف سعة وضيقا باختلاف سعة الابهام وضيقه، فكلما زاد الابهام وقلت جهات التعيين كانت دائرة الصدق أوسع وأشمل، وكلما قل الابهام بكثرة القيود المعينة كانت دائرة صدق المفهوم المبهم أضيق.
فالمدعى في باب العبادات: ان اللفظ موضوع إلى جامع محصله، انه سنخ عمل مبهم من جميع الجهات الا من جهة كونه ناهيا عن الفحشاء ونحوه، فيصدق اللفظ بذلك على جميع مراتب العمل القليل منها والكثير من حيث الأجزاء والشرائط. فإنه مضافا إلى الالتجاء إلى الالتزام به من القائل بالوضع للصحيح - بعد عدم معقولية الجامع الحقيقي وعدم الوضع للجامع العنواني بما عرفت -، هو المتبادر عرفا من لفظ الصلاة مثلا، فإنه إذا وقعت الصلاة في متعلق الامر يتبادر منها عرفا تعلق الامر بسنخ عمل مبهم قابل للانطباق على مراتب الصلاة وأنحائها.
كما أنه ليس عديم النظير في العرفيات، بل له في العرف نظير، كلفظ الخمر.
فان الخمر فيه جهات كجهة اللون، وجهة المادة كاتخاذه من التمر أو العنب، وجهة الرائحة وغيرها من الجهات التي يختلف افراد الخمر فيها. والمتبادر من لفظ الخمر عند اطلاقه هو سنخ مائع مسكر لا أكثر، بحيث يكون من الجهات الخاصة مبهما، فلذلك يقبل الانطباق على كل نحو من انحاء الخمر وأصنافه.