الأصل في الألفاظ المستعملة مجازا في كلام الشارع، هو استعمالها في خصوص الصحيح أو الأعم بمعنى ان أيهما اعتبرت العلاقة بينه وبين المعنى اللغوي ابتداء ولوحظت المناسبة بينهما أولا، ثم استعمل اللفظ في الاخر بتبعه ومناسبته، فينزل كلام الشارع عليه مع القرينة الصارفة عن المعنى اللغوي فقط وعدم قرينة أخرى معينة للاخر، بلا احتياج لقرينة معينة له بخصوصه.
وقد استشكل صاحب الكفاية هذا التصوير: بأنه ليس تصويرا للبحث العلمي الذي يتصور لكلا شقيه وجه للثبوت، وذلك لان اثبات كلا الشقين على هذا التصوير، أعني كون الأصل في الاستعمال هو الاستعمال في الصحيح أو كونه الاستعمال في الأعم، يتوقف على أمرين لا سبيل علمي لاثبات كل منهما. وهما:
أولا: ثبوت اعتبار العلاقة أولا بين المعنى اللغوي وأحد المعنيين الصحيح والأعم بعينه.
وثانيا: تنزيل كلام الشارع على ما لوحظت العلاقة ابتداء بينه وبين المعنى اللغوي - لو ثبت ذلك - بمجرد القرينة الصارفة عن المعنى اللغوي وعدم القرينة المعينة للمعنى الاخر، بلا حاجة إلى قرينة خاصة معينة كغيره.
فإنه لا يخفى انه ليس لدينا من الطرق المتعارفة في باب الظهورات وغيرها ما يثبت أحد هذين الامرين، فكيف يكون النزاع المتوقف عليهما نزاعا علميا يقصد فيه تحقيق أحد طرفيه؟! (1).
ويمكن النظر فيما افاده (قدس سره): بان التقريب المزبور بأسلوبه العلمي الصناعي قد يبدو مشكل الاثبات. ولكنا نغض النظر عن ذلك، ونقول: ان طريق اثبات أولوية أحد المعنيين هو الظهور الثابت لأحدهما ولو كان مجازيا، فإنه لا اشكال في ظهور الكلام في أحد المعنيين، وبضميمة عدم القول بالوضع الشرعي نعلم ان المعنى الظاهر مجازي، فإذا ثبت الظهور ولو كان مجازيا حمل اللفظ عليه كما قد يقال بمثله في المجاز الراجح أو المشهور. فتدبر.