وقد ذكر المحقق الأصفهاني وجها آخر لتصوير النزاع لا يتوقف الا على اثبات الامر الأول، ولا يعنينا التعرض إليه بشئ بعد أن اعترف مقرره بتوقفه على ما لا طريق لاثباته عادة (1).
وللمحقق النائيني وجه في رفع الاشكال في التصوير المذكور للنزاع، وحاصله: ان طريق اثبات لحاظ العلاقة ابتداء بين أحد المعنيين بعينه والمعنى اللغوي ممكن، وذلك لأنه إن لم تثبت الحقيقة الشرعية فثبوت الحقيقة لدى المتشرعة لا ينكر، لتبادر هذه المعاني من الألفاظ عندنا. ولا يخفى ان الحقيقة الشرعية انما حصلت بكثرة الاستعمال من زمان الشارع إلى زمان المتشرعة، وعليه فيلحظ ما هو المتبادر عندنا نحن المتشرعة من الصحيح أو الأعم، فينزل كلام الشارع عليه ويبنى على أن الأصل استعماله فيه، لان التبادر والوضع التعيني عندنا انما حصل بتبع استعمال الشارع والمتشرعة بتبعه، فيكشف عن الأصل في استعمالات الشارع وان كانت مجازا (2).
وهذا الوجه ضعيف للغاية لوجوه:
الأول: انه لا وجه لاستكشاف الأصل في استعمالات الشارع بما هو المتبادر عندنا، لان التبادر انما نشأ من كثرة الاستعمال الناشئ من كثرة الحاجة إلى تفهيم المعنى، ولا يبعد أن يكون الشارع قد استعملها في الصحيح مثلا، الا ان الاستعمال من قبل المتشرعة كان في الأعم بكثرة لكثرة الحاجة إلى تفهيمه، فيتحقق الوضع التعيني لدى المتشرعة في الأعم دون الصحيح، فالمتبادر منه معنى معين لا يكون كاشفا عن أن ذلك المعنى هو الأصل في استعمالات الشارع، لامكان أن يكون الأصل غيره، لكن تبدل ذلك عند المتشرعة للحاجة الكثيرة لتفهيم غيره.
الثاني: ان الوجه المذكور على تقدير تسليمه في اثبات نحو استعمال .