الجزئية، ويكون هذا القيد حاصلا متحققا، فلا يلزم أن تكون الدعوة إليه، بل لا يمكن؛ لأنها تكون من قبيل تحصيل الحاصل، كما أن الأمر كذلك في سائر القيود والشرائط، مثل الستر، والتوجه إلى القبلة، وطهارة اللباس، فلو كان المكلف مستور العورة، متوجها إلى القبلة ولو بغير داعوية الأمر، تكون دعوته إلى سائر القيود التي ليست بحاصلة.
إن قلت: بعد اللتيا والتي، فالإشكال بحاله؛ فإن داعوية الأمر تتوقف على كون المدعو إليه - على تقدير وجوده - مصداقا للمأمور به، ومعنونا بعنوانه، والفرض أن كونه مصداقا معنونا به، يتوقف على الداعوية؛ لكونها من قيود المأمور به، وهذا كر على ما فر منه.
قلت: كلا؛ فإن داعوية الأمر لا تتوقف على ما ذكر؛ بمعنى لزوم تقدم كون الأفعال معنونة به على الداعوية، بل لو صارت الأجزاء معنونة بعنوان المأمور به، ومصداقا له ولو بنفس داعوية الأمر، يكون كافيا، فالمكلف إذا وجد في نفسه أحد المبادئ الخمسة المحركة نحو طاعة المولى، وكان متهيئا لإطاعة أوامره، منتظرا لصدورها عنه، ورأى إيجاد الأجزاء في الخارج بقصد التقرب إلى المولى إيجادا لما هو مصداق حقيقي للمأمور به ولتمام المطلوب، ومعنونا بعنوان الطاعة له، يصير الأمر - لا محالة - داعيا إلى إتيانها.
وقد عرفت (1) في المقدمة الثانية: أن التقرب الحاصل من الأجزاء، عين التقرب الحاصل من الكل، وأن الأمر الترشحي - لو كان - هو عين الأمر المتعلق بالكل باعتبار، ولا نفسية له أصلا، فالمكلف يقصد التقرب بإتيان الأجزاء؛ لكونها وسيلة إلى تحقق المأمور به في الخارج.
وبما ذكرنا من أول البحث إلى هاهنا، يظهر النظر فيما أفاده المحقق