الجوارح على العصاة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله سبحانه (يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق) قال: حسابهم وكل شئ في القرآن الدين فهو الحساب. وأخرج الطبراني وابن مردويه عن بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأ يومئذ يوفيهم الله الحق دينهم. وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله (الخبيثات) قال: من الكلام (للخبيثين) قال من الرجال (والخبيثون) من الرجال (للخبيثات) من الكلام (والطيبات) من الكلام (للطيبين) من الناس (والطيبون) من الناس (للطيبات) من الكلام، نزلت في الذين قالوا في زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما قالوا من البهتان. وأخرج عبد الزراق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني عن مجاهد نحوه. وأخرج ابن جرير والطبراني عن قتادة نحوه أيضا، وكذا روي عن جماعة من التابعين. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن زيد في الآية قال: نزلت في عائشة حين رماها المنافقون بالبهتان والفرية فبرأها الله من ذلك. وكان عبد الله بن أبي هو الخبيث، فكان هو أولى بأن تكون له الخبيثة ويكون لها، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طيبا، فكان أولى أن تكون له الطيبة، وكانت عائشة الطيبة، وكانت أولى بأن يكون لها الطيب، وفي قوله (أولئك مبرؤن مما يقولون) قال: هاهنا برئت عائشة. وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: لقد نزل عذري من السماء، ولقد خلقت طيبه وعند طيب، ولقد وعدت مغفرة وأجرا عظيما النور.
لما فرغ سبحانه من ذكر الزجر عن الزنا والقذف شرع في ذكر الزجر عن دخول البيوت استئذان لما في ذلك من مخالطة الرجال بالنساء، فربما يؤدي إلى أحد الأمرين المذكورين، وأيضا إن الإنسان يكون في بيته ومكان خلوته على حالة قد لا يحب أن يراه عليها غيره، فنهى الله سبحانه عن دخول بيوت الغير إلى غاية، هي قوله (حتى تستأنسوا) والاستئناس الاستعلام والاستخبار: أي حتى تستعلموا من البيت، والمعنى: حتى تعلموا أن صاحب البيت قد علم بكم وتعلموا أنه قد أذن بدخولكم، فإذا علمتم ذلك دخلتم، ومنه قوله - فأن آنستم منهم رشدا - أي علمتم. قال الخليل: الاستئناس الاستكشاف، من أنس الشئ إذا أبصره كقوله - إني آنست نارا - أي أبصرت. وقال ابن جرير: إنه بمعنى وتؤنسوا أنفسكم. قال ابن عطية: وتصريف الفعل يأبى أن يكون من أنس. ومعنى كلام ابن جرير هذا أنه من الاستئناس الذي هو خلاف الاستيحاش، لأن الذي يطرق باب غيره لا يدري أيؤذن له أم لا؟ فهو كالمستوحش حتى يؤذن له، فإذا أذن له استأنس، فنهى سبحانه عن دخول تلك البيوت حتى يؤذن للداخل. وقيل هو من الإنس، وهو أن يتعرف هل ثم إنسان أم لا؟ وقيل معنى الاستئناس الاستئذان: أي لا تدخلوها حتى تستأذنوا. قال الواحدي: قال جماعة المفسرين: حتى تستأذنوا، ويؤيده ما حكاه