فعائشة والله خير منك وأطيب، إنما هذا كذب وإفك باطل، فلما نزل القرآن ذكر الله من قال من الفاحشة ما قال من أهل الإفك. ثم قال (لولا إذا سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين) أي كما قال أبو أيوب وصاحبته. وأخرج الواقدي والحاكم وابن عساكر عن أفلح مولى أبي أيوب أن أم أيوب فذكر نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا) قال: يحرج الله عليكم. وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب قال: القائل الفاحشة والذي شيع بها في الإثم سواء. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (ما زكى منكم من أحدا أبدا) قال: ما اهتدى أحد من الخلائق لشئ من الخير قوله (ولا يأتل) أي يحلف وزنه يفتعل من الألية، وهي اليمين، ومنه قول الشاعر:
تألى ابن أوس حلفة ليردني * إلى نسوة كأنهن مفايد وقول الآخر: قليل الألايا حافظ ليمينه * وإن بدرت منه الألية برت يقال ائتلى يأتلي إذا حلف. ومنه قوله سبحانه " للذين يؤلون من نسائهم " وقالت فرقة: هو من ألوت في كذا إذا قصرت، ومنه لم آل جهدا: أي لم أقصر، وكذا منه قوله " لا يألونكم خبالا " ومنه قول الشاعر:
وما المرء ما دامت حشاشة نفسه * بمدرك أطراف الخطوب ولا آل والأول أولى بدليل سبب النزول، وهو ما سيأتي، والمراد بالفضل الغنى والسعة في المال (أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله) أي على أن لا يؤتوا. قال الزجاج: أن لا يؤتوا فحذف لا، ومنه قول الشاعر:
فقلت يمين الله أبرح قاعدا * ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي وقال أبو عبيدة: لا حاجة إلى إضمار لا، والمعنى: لا يحلفوا على أن لا يحسنوا إلى المستحقين للإحسان الجامعين لتلك الأوصاف، وعلى الوجه الآخر يكون المعنى: لا يقصروا في أن يحسنوا إليهم وإن كانت بينهم شحناء لذنب اقترفوه، وقرأ أبو حيوة " إ ن تؤتوا " بتاء الخطاب على الالتفات. ثم علمهم سبحانه أدبا آخر فقال